كنا عن هذا غافلين ـ أو يقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل.
قالوا : فليس أحد من ولد آدم ـ إلا وهو يعرف الله أنه ربه وذلك قوله عز وجل : « وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً » ، وذلك قوله : « فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ » يعني يوم أخذ الميثاق.
أقول : وقد روي حديث الذر كما في الرواية موقوفة وموصولة عن عدة من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله كعلي عليهالسلام ، وابن عباس ، وعمر بن الخطاب ، وعبد الله بن عمر ، وسلمان ، وأبي هريرة ، وأبي أمامة ، وأبي سعيد الخدري ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الرحمن بن قتادة ، وأبي الدرداء ، وأنس ، ومعاوية ، وأبي موسى الأشعري.
كما روي من طرق الشيعة عن علي وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد والحسن بن علي العسكري عليهالسلام ، ومن طرق أهل السنة أيضا عن علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد عليهالسلام بطرق كثيرة فليس من البعيد أن يدعى تواتره المعنوي.
وفي الدر المنثور ، أيضا أخرج ابن سعد وأحمد عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي وكان من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : إن الله تبارك وتعالى خلق آدم ثم أخذ الخلق من ظهره ـ فقال : هؤلاء في الجنة ولا أبالي ، وهؤلاء في النار ولا أبالي. فقال رجل : يا رسول الله فعلى ما ذا نعمل؟ قال : على مواقع القدر.
أقول : القول في ذيل الرواية نظير القول في ذيل رواية أبي أمامة المتقدمة ، وقد فهم الرجل من قوله « هؤلاء في الجنة ولا أبالي ، وهؤلاء في النار ولا أبالي » ( الخبر ) سقوط الاختيار ، فأجابه صلىاللهعليهوآله بأن هذا قدر منه تعالى وأن أعمالنا في عين أنا نعملها وهي منسوبة إلينا تقع على ما يقع عليه القدر فتنطبق على القدر وينطبق هو عليها ، وذلك أن الله قدر ما قدر من طريق اختيارنا فنعمل نحن باختيارنا ، ويقع مع ذلك ما قدره الله سبحانه لا أنه تعالى أبطل بالقدر اختيارنا ، ونفي تأثير إرادتنا والروايات بهذا المعنى كثيرة.