وفي مزعمة أصحاب العزائم والدعوات أن له لفظا يدل عليه بطبعه لا بالوضع اللغوي غير أن حروفه وتأليفها تختلف باختلاف الحوائج والمطالب ، ولهم في الحصول عليه طرق خاصة يستخرجون بها حروفا أولا ثم يؤلفونها ويدعون بها على ما يعرفه من راجع فنهم.
وفي بعض الروايات الواردة إشعار ما بذلك كما ورد : أن « بسم الله الرحمن الرحيم » أقرب إلى اسم الله الأعظم من بياض العين إلى سوادها ، وما ورد : أنه في آية الكرسي وأول سورة آل عمران ، وما ورد : أن حروفه متفرقة في سورة الحمد ـ يعرفها الإمام وإذا شاء ألفها ودعي بها فاستجيب له.
وما ورد : أن آصف بن برخيا وزير سليمان دعا ـ بما عنده من حروف اسم الله الأعظم ـ فأحضر عرش ملكة سبإ عند سليمان في أقل من طرفة عين ، وما ورد : أن الاسم الأعظم على ثلاث وسبعين حرفا ـ قسم الله بين أنبيائه اثنتين وسبعين منها ، واستأثر واحدة منها عنده في علم الغيب ، إلى غير ذلك من الروايات المشعرة بأن له تأليفا لفظيا.
والبحث الحقيقي عن العلة والمعلول وخواصها يدفع ذلك كله فإن التأثير الحقيقي يدور مدار وجود الأشياء في قوته وضعفه ، والمسانخة بين المؤثر والمتأثر ، والاسم اللفظي إذا اعتبرنا من جهة خصوص لفظه كان مجموعة أصوات مسموعة هي من الكيفيات العرضية ، وإذا اعتبر من جهة معناه المتصور كان صورة ذهنية لا أثر لها من حيث نفسها في شيء البتة ، ومن المستحيل أن يكون صوت أوجدناه من طريق الحنجرة أو صورة خيالية نصورها في ذهننا بحيث يقهر بوجوده وجود كل شيء ، ويتصرف فيما نريده على ما نريده فيقلب السماء أرضا والأرض سماء ويحول الدنيا إلى الآخرة وبالعكس وهكذا ، وهو في نفسه معلول لإرادتنا.
والأسماء الإلهية واسمه الأعظم خاصة وإن كانت مؤثرة في الكون ووسائط وأسبابا لنزول الفيض من الذات المتعالية في هذا العالم المشهود لكنها إنما تؤثر بحقائقها لا بالألفاظ الدالة في لغة كذا عليها ، ولا بمعانيها المفهومة من ألفاظها المتصورة في الأذهان ومعنى ذلك أن الله سبحانه هو الفاعل الموجد لكل شيء بما له من الصفة الكريمة المناسبة له التي يحويها الاسم المناسب ، لا تأثير اللفظ أو صورة مفهومة في الذهن