نسبة لهذه الأسماء الثلاثة ، وهذه الأسماء الثلاثة أركان ، وحجب الاسم الواحد (١) المكنون المخزون ـ بهذه الأسماء الثلاثة ، وذلك قوله عز وجل : « قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ ـ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ».
أقول : قوله عليهالسلام : إن الله تبارك وتعالى خلق اسما بالحروف غير متصوت « إلخ » هذه الصفات المعدودة صريحة في أن المراد بهذا الاسم ليس هو اللفظ ، ولا معنى يدل عليه اللفظ من حيث إنه مفهوم ذهني فإن اللفظ والمفهوم الذهني الذي يدل عليه لا معنى لاتصافه بالأوصاف التي وصفه بها وهو ظاهر ، وكذا يأبى عنه ما ذكره في الرواية بعد ذلك فليس المراد بالاسم إلا المصداق المطابق للفظ لو كان هناك لفظ ، ومن المعلوم أن الاسم بهذا المعنى ـ وخاصة بالنظر إلى تجزيه بمثل : الله وتبارك وتعالى ـ ليس إلا الذات المتعالية أو هو قائم بها غير خارج عنها البتة.
فنسبة الخلق إلى هذا الاسم في قوله : « خلق اسما » يكشف عن كون المراد بالخلق غير المعنى المتعارف منه ، وأن المراد به ظهور الذات المتعالية ظهورا ينشأ به اسم من الأسماء وحينئذ ينطبق الخبر على ما تقدم بيانه أن الأسماء مترتبة فيما بينها وبعضها واسطة لثبوت بعض ، وتنتهي بالآخرة إلى اسم تعينها عين عدم التعين. وتقيد الذات المتعالية به عين عدم تقيدها بقيد.
وقوله : « فالظاهر هو الله تبارك وتعالى » إشارة إلى الجهات العامة التي تنتهي إليها جميع الجهات الخاصة من الكمال ، ويحتاج الخلق إليها من جميع جهات فاقتها وحاجتها ، وهي ثلاث : جهة استجماع الذات لكل كمال ، وهي التي يدل عليها لفظ الجلالة وجهة ثبوت الكمالات ومنشئية الخيرات والبركات ، وهي التي يدل عليه اسم تبارك ، وجهة انتفاء النقائص وارتفاع الحاجات وهي التي يدل عليه لفظ تعالى.
وقوله : فعلا منسوبا إليها « أي إلى الأسماء وهو إشارة إلى ما قدمناه من انتشاء اسم من اسم. وقوله : « حتى تتم ثلاث مائة وستين اسما » صريح في عدم انحصار الأسماء الإلهية في تسعة وتسعين.
__________________
(١) في التوحيد : أركان وحجب للاسم الواحد إلخ.