له مجالس ومحاورات ومشافهات مع آدم ونوح وموسى وعيسى ومحمد صلىاللهعليهوآله وعليهم ، وهناك ـ كما مرت الإشارة إليه ـ روايات لا تحصى كثرة في أنحاء تسويلاته وأنواع تزييناته عند أنواع المعاصي والذنوب رواها الفريقان ، والجميع تشهد أوضح شهادة على أنها تشكلات مثالية على حسب ما يلائم نوع المعصية من الشكل والكيفية ويناسبها نظير ما تتمثل الحوادث في الرؤيا على حسب المناسبات المألوفة والاعتقادات المعتادة.
ومن التأمل في هذا القسم الثاني يظهر أن الكيفيات والخصوصيات الواردة في القسم الأول المذكور من الأخبار إنما هي أنواع نسب بين هذا الموجود أعني إبليس وبين الأشياء تدعو إلى وساوس وخطرات تناسبها.
فالجميع من التجسمات المثالية التي تناسبها الأعمال أو الأشياء غير التجسم المادي الذي ربما مال إليه الحشوية وبعض أهل الحديث حتى تكون المجوسية مثلا اعتقادا عند الإنسان وهي بعينها منطقة من أديم عند إبليس يشد بها وسطه ، أو أن يصير إبليس تارة آدميا له حقيقة الإنسان وقواه وأعماله وتارة شيئا من الحيوان الأعجم له حقيقة نوعية وتارة جمادا ليس بذي حياة وشعور ، أو أن هذه النوعيات جميعا هي أشكال وصور عارضة على مادة إبليس فالروايات أجنبية عن الدلالة على أمثال هذه المحتملات.
وإنما هي روايات جمة لا ريب في صدور مجموعها من حيث المجموع وتأييد القرآن لها كذلك وهي تدل على أن لإبليس أن يظهر لحواسنا بمختلف الصور هذا من حيث المجموع وأما كل واحد واحد فما صح منها سندا ـ وليس الجميع على هذه الصفة ـ فهو من الآحاد التي لا يعول عليها في أمثال هذه المسائل الأصلية نعم ربما أمكن استفادة حكم فرعي منها من استحباب أو كراهة على ما هو شأن الفقيه
« يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٢٦) يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ