كل عظيمة ، وارتكبوا في حق دينهم وامتهم ، أبشع الجرائم ، وافظعها ، ولا نريد أن نفيض في ذكر نماذج من جرائمهم تلك ، فان ذلك يفوق حد الاحصاء .. ولكننا نقول ـ على سبيل الإجمال ـ :
إنه لم يَسلَم منهم شيء على الاطلاق .. فهم قد شككوا في العقائد ، وأثاروا الشبهات حول كثير منها في أذهان الكثيرين من البسطاء والسذج وشوهوا الكثير من التعاليم والمفاهيم الاسلامية ، أو كذبوا بها ، ومسخوا المعاني القرآنية ، وعبثوا بتعاليمه وأحكامه ..
وفيما يرتبط بالشخصيات الاسلامية فقد حاولوا تصغير شأنها ، والمس بكراماتها ، والنيل منها ، وبصورة ، أو باخرى .. وكان لسمان ـ موضوع بحثنا ـ نصيب دَسِم في هذا المجال ، حتى لقد قالوا عنه : إنه يظهر أنه من خصوم الاسلام الباطنيين (١).
ولا ندري كيف اكتشفوا هذا السر المكنون ، الذي لم يكتشفه أحد سواهم ، وأين وما هي تلك النشاطات الهدامة ، التي كان يمارسها سلمان ، والتي استحق لاجلها هذا الوسام الخطير .. وتلك هي حياته ، وتلك هي مواقفه ، وممارساته ، فليراجعها الباحثون ، وليعكف عليها الدارسون ، فهل يمكن أن يكتشفوا من خلالها إلا كل خير وصلاح ، واستقامة وفلاح ، وغيرةٍ على الاسلام ، وتفانٍ في سبيله؟!
وبعد .. فانهم قد وصفوا الاشتر بـ « المارق » (٢).
أما أبو ذر ، فقد اعتبروه جلفاً ، جافاً ، قاسياً ، واعرابياً (٣).
بل لم يسلم منهم الحسنان عليهماالسلام (٤) ولا امهما فاطمة صلوات الله
__________________
(١) وصفه بذلك محمد عبدالله عنان. راجع : دراسات وبحوث في التاريخ والاسلام ج ٢ ص ٢٣٨.
(٢) الصواعق المحرقة ص ٣٨.
(٣) أبو ذر .. والحق المر ص ٢٠.
(٤) راجع : التاريخ الاسلامي والحضارة الاسلامية ج ٢ ص ٤٩ و ٢٠١ و ٢٠٢ و ٣٥ و ٣٦.