فخرج المبعوث من الفتية وأتى المدينة وهو يظن أنها التي فارقها البارحة لكنه وجد المدينة قد تغيرت بما لا يعهد مثله في يوم ولا في عمر والناس غير الناس والأوضاع والأحوال غير ما كان يشاهده بالأمس فلم يزل على حيرة من الأمر حتى أراد أن يشتري طعاما بما عنده من الورق وهي يومئذ من الورق الرائجة قبل ثلاثة قرون فأخذت المشاجرة فيها ولم تلبث دون أن كشفت عن أمر عجيب وهو أن الفتى ممن كانوا يعيشون هناك قبل ذلك بثلاثة قرون ، وهو أحد الفتية كانوا في مجتمع مشرك ظالم فهجروا الوطن واعتزلوا الناس صونا لإيمانهم ودخلوا الكهف فأنامهم الله هذا الدهر الطويل ثم بعثهم ، وها هم الآن في الكهف في انتظار هذا الذي بعثوه إلى المدينة ليشتري لهم طعاما يتغذون به.
فشاع الخبر في المدينة لساعته واجتمع جم غفير من أهلها فساروا إلى الكهف ومعهم الفتى المبعوث من أصحاب الكهف فشاهدوا ما فيه تصديق الفتى فيما أخبرهم من نبإ رفقته وظهرت لهم الآية الإلهية في أمر المعاد.
ولم يلبث أصحاب الكهف بعد بعثهم كثيرا دون أن توفاهم الله سبحانه وعند ذلك اختلف المجتمعون على باب الكهف من أهل المدينة ثانيا فقال المشركون منهم : ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم وهم الموحدون لنتخذن عليهم مسجدا.
٣ ـ القصة عند غير المسلمين : معظم أهل الرواية والتاريخ على أن القصة وقعت في الفترة بين النبي صلىاللهعليهوآله وبين المسيح عليهالسلام ولذلك لم يرد ذكرها في كتب العهدين ولم يعتوره اليهود وإن اشتملت عدة من الروايات على أن قريشا تلقت القصة من اليهود ، وإنما اهتم بها النصارى واعتوروها قديما وحديثا ، وما نقل عنهم في القصة قريب مما أورده ابن إسحاق في العرائس ، عن ابن عباس غير أنهم يختلف رواياتهم عن روايات المسلمين في أمور :.
أحدها : أن المصادر السريانية تذكر عدد أصحاب الكهف ثمانية في حين يذكره المسلمون وكذا المصادر اليونانية والغربية سبعة.
ثانيها : أن قصتهم خالية من ذكر كلب أصحاب الكهف.