عندهم بسيت ومنهم الأمة الهاجمة على الروم وقد سقطت في هذه الكرة دولة رومان ، وقد تقدم أيضا أن المستفاد من كتب العهد العتيق أن هذه الأمة المفسدة من سكنة أقاصي الشمال.
هذه جملة ما لخصناه من كلامه ، وهو وإن لم يخل عن اعتراض ما في بعض أطرافه لكنه أوضح انطباقا على الآيات وأقرب إلى القبول من غيره.
ز ـ ومما قيل في ذي القرنين ما سمعته عن بعض مشايخي أنه من أهل بعض الأدوار السابقة على هذه الدورة الإنسانية وهو غريب ولعله لتصحيح ما ورد في الأخبار من عجائب حالات ذي القرنين وغرائب ما وقع منه من الوقائع كموته وحياته مرة بعد مرة ورفعه إلى السماء ونزوله إلى الأرض وقد سخر له السحاب يسير به إلى المغرب والمشرق ، وتسخير النور والظلمة والرعد والبرق له ، ومن المعلوم أن تاريخ هذه الدورة لا يحفظ شيئا من ذلك فلا بد أن يكون ذلك في بعض الأدوار السابقة هذا ، وقد بالغ في حسن الظن بتلك الأخبار.
٤ ـ أمعن أهل التفسير والمؤرخون في البحث حول القصة ، وأشبعوا الكلام في أطرافها ، وأكثرهم على أن يأجوج ومأجوج أمة كبيرة في شمال آسيا ، وقد طبق جمع منهم ما أخبر به القرآن من خروجهم في آخر الزمان وإفسادهم في الأرض على هجوم التتر في النصف الأول من القرن السابع الهجري على غربي آسيا ، وإفراطهم في إهلاك الحرث والنسل بهدم البلاد وإبادة النفوس ونهب الأموال وفجائع لم يسبقهم إليها سابق.
وقد أخضعوا أولا الصين ثم زحفوا إلى تركستان وإيران والعراق والشام وقفقاز إلى آسيا الصغرى ، وأفنوا كل ما قاومهم من المدن والبلاد والحصون كسمرقند وبخارا وخوارزم ومرو ونيسابور والري وغيرها ؛ فكانت المدينة من المدن تصبح وفيها مات الألوف من النفوس ، وتمسي ولم يبق من عامة أهلها نافخ نار ، ولا من هامة أبنيتها حجر على حجر.
ثم رجعوا إلى بلادهم ثم عادوا وحملوا على الروس ودمروا أهل بولونيا وبلاد المجر