كورش تقريبا.
وقد ذكر المؤرخون من القدماء كهرودوت اليوناني سير كورش إلى شمال إيران لإخماد نوائر فتن اشتعلت هناك ، والظاهر أنه بنى السد في مضيق داريال في مسيره هذا لاستدعاء من أهل الشمال وتظلم منهم ، وقد بناه بالحجارة والحديد وهو الردم الوحيد الذي استعمل فيه الحديد ، وهو بين سدين جبلين ، وانطباق قوله تعالى : « فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ » الآيات عليه ظاهر.
ومما أيد به هذا المدعى وجود نهر بالقرب منه يسمى « سايروس » وهو اسم كورش عند الغربيين ، ونهر آخر يمر بتفليس يسمى « كر » وقد ذكر هذا السد « يوسف » اليهودي المؤرخ عند ذكر رحلته إلى شمال قفقاز وليس هو الحائط الموجود في باب الأبواب على ساحل بحر الخزر فإن التاريخ ينسب بناءه إلى كسرى أنوشيروان وكان يوسف قبله (١).
على أن سد باب الأبواب غير سد ذي القرنين المذكور في القرآن قطعا إذ لم يستعمل فيه حديد قط.
وأما يأجوج ومأجوج فالبحث عن التطورات الحاكمة على اللغات يهدينا إلى أنهم المغول فإن الكلمة بالتكلم الصيني « منكوك » أو « منجوك » ولفظتا يأجوج ومأجوج كأنهما نقل عبراني وهما في التراجم اليونانية وغيرها للعهد العتيق « كوك » و « مأكوك » والشبه الكامل بين « مأكوك » و « منكوك » يقضي بأن الكلمة متطورة من التلفظ الصيني « منكوك » كما اشتق منه « منغول » و « مغول » ولذلك في باب تطورات الألفاظ نظائر لا تحصى.
فيأجوج ومأجوج هما المغول وكانت هذه الأمة القاطنة بالشمال الشرقي من آسيا من أقدم الأعصار أمة كبيرة مهاجمة تهجم برهة إلى الصين وبرهة من طريق داريال قفقاز إلى أرمينستان وشمال إيران وغيرها وبرهة وهي بعد بناء السد إلى شمال أوربة وتسمى
__________________
(١) فهو على ما يقال كان يعيش في القرن الأول الميلادي.