الإسكندر المقدوني.
وأما سيره نحو المغرب والمشرق فسيره نحو المغرب كان لدفع طاغية « ليديا » وقد سار بجيوشه نحو كورش ظلما وطغيانا من غير أي عذر يجوز له ذلك فسار إليه وحاربه وهزمه ثم عقبه حتى حاصره في عاصمة ملكه ثم فتحها وأسره ثم عفا عنه وعن سائر أعضاده وأكرمه وإياهم وأحسن إليهم وكان له أن يسوسهم ويبيدهم وانطباق القصة على قوله تعالى : « حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ـ ولعلها الساحل الغربي من آسيا الصغرى ـ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً » وذلك لاستحقاقهم العذاب بطغيانهم وظلمهم وفسادهم.
ثم إنه سار نحو الصحراء الكبير بالمشرق حوالي بكتريا لإخماد غائلة قبائل بدوية همجية انتهضوا هناك للمهاجمة والفساد وانطباق قوله تعالى : « حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً » عليه ظاهر.
وأما بناؤه السد : فالسد الموجود في مضيق جبال قفقاز الممتدة من بحر الخزر إلى البحر الأسود ، ويسمى المضيق « داريال » (١) وهو واقع بلدة « تفليس » وبين « ولادي كيوكز ».
وهذا السد واقع في مضيق بين جبلين شاهقين يمتدان من جانبيه وهو وحدة الفتحة الرابطة بين جانبي الجبال الجنوبي والشمالي والجبال مع ما ينضم إليها من بحر الخزر والبحر الأسود حاجز طبيعي في طول ألوف من الكيلومترات يحجز جنوب آسيا من شمالها.
وكان يهجم في تلك الأعصار أقوام شريرة من قاطني الشمال الشرقي من آسيا من مضيق جبال قفقاز إلى ما يواليها من الجنوب فيغيرون على ما دونها من أرمينستان ثم إيران حتى الآشور وكلدة ، وهجموا في حوالي المائة السابعة قبل الميلاد فعمموا البلاد قتلا وسبيا ونهبا حتى بلغوا نينوى عاصمة الآشور وكان ذلك في القرن السابق على عهد
__________________
(١) ولعله محرف « داريول » بمعنى المضيق بالتركية ، ويسمى السد باللغة المحلية « دمير قابو » ومعناه باب الحديد.