بصورها لكان له وجه ، وأما النفوس الساذجة قبل رسوخ الملكات فلا تختلف بالآثار اختلافا ضروريا حتى تجري فيها الحجة ، وقد عرفت أن الآية إنما تتعرض لحال الإنسان بعد حصول شاكلته وشخصيته الخلقية الحاصلة من مجموع غرائزه والعوامل الخارجية الفاعلة فيه الداعية إلى نوع من العمل دعوة على نحو الاقتضاء فتبصر.
« بحث فلسفي »
ذكر الحكماء أن بين الفعل وفاعله ويعنون به المعلول وعلته الفاعلة سنخية وجودية ورابطة ذاتية يصير بها وجود الفعل كأنه مرتبة نازلة من وجود فاعله ووجود الفاعل كأنه مرتبة عالية من وجود فعله بل الأمر على ذلك بناء على أصالة الوجود وتشكيكه.
وبينوا ذلك بأنه لو لم يكن بين الفعل المعلول وعلته الفاعلة له مناسبة ذاتية وخصوصية واقعية بها يختص أحدهما بالآخر كانت نسبة الفاعل إلى فعله كنسبته إلى غيره كما كانت نسبة الفعل إلى فاعله كنسبته إلى غيره فلم يكن لاستناد صدور الفعل إلى فاعله معنى ، ونظير البرهان يجري في المعلول بالنسبة إلى سائر العلل ويثبت الرابطة بينه وبينها غير أن العلة الفاعلة لما كانت هي المقتضية لوجود المعلول ومعطي الشيء غير فاقده كانت العلة الفاعلة واجدة لكمال وجود المعلول والمعلول ممثلا لوجودها في مرتبة نازلة.
وقد بين ذلك صدر المتألهين بوجه أدق وألطف وهو أن المعلول مفتقر في وجوده إلى العلة الفاعلة متعلق الذات بها ، وليس من الجائز أن يتأخر هذا الفقر والتعلق عن مرتبة ذاته ويكون هناك ذات ثم فقر وتعلق وإلا استغنى بحسب ذاته عن العلة واستقل بنفسه عنها فلم يكن معلولا هف فذاته عين الفقر والتعلق فليس له من الوجود إلا الرابط غير المستقل وما يتراءى فيه من استقلال الوجود المفروض معه أولا إنما هو استقلال علته فوجود المعلول يحاكي وجود علته ويمثله في مرتبته التي له من الوجود.
( تعقيب البحث السابق من جهة القرآن )
التدبر في الآيات القرآنية لا يدع ريبا في أن القرآن الكريم يعد الأشياء على