حكم إلهي لا يخطئ ولا يغلط البتة.
وهاتان الآيتان ـ كما ترى ـ جواب ثان عن حجة الكفار أعني قولهم : « أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ».
قوله تعالى : « أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً » كما أن سياق الآيات الأربع السابقة يعطي أن الحجة الفاسدة المذكورة قول بعض المشركين ممن تلي عليه القرآن فقال ما قال دحضا لكلمة الحق واستغواء واستخفافا للمؤمنين كذلك سياق هذه الآيات الأربع وقد افتتحت بكلمة التعجيب واشتملت بقول يشبه القول السابق واختتمت بما يناسبه من الجواب يعطي أن بعض الناس ممن آمن بالنبي صلىاللهعليهوآله أو كان في معرض ذلك بعد ما سمع قول الكفار مال إليهم ولحق بهم قائلا لأوتين مالا وولدا يعني في الدنيا باتباع ملة الشرك كان في الإيمان بالله شؤما وفي اتخاذ الآلهة ميمنة. فرده الله سبحانه بقوله : « أَطَّلَعَ الْغَيْبَ » إلخ.
وأما ما ذكره الأكثر بالبناء على ما ورد من سبب النزول أن الجملة قول أحد المتعرقين في الشرك من قريش خاطب به خباب بن الأرت حين طالبه دينا كان له عليه ، وأن معنى الجملة لأوتين مالا وولدا في الجنة فأؤدي ديني فشيء لا يلائم سياق الآيات إذ من المعلوم أن المشركين ما كانوا مذعنين بالبعث أصلا ، فقوله لأوتين مالا وولدا إذا بعثت وعند ذلك أؤدي ديني لا يحتمل إلا الاستهزاء والتهكم ولا معنى لرد الاستهزاء بالاحتجاج كما هو صريح قوله : « أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً » إلخ.
ونظير هذا القول في السقوط ما نقل عن أبي مسلم المفسر أن الآية عامة فيمن له هذه الصفة.
فقوله : « أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا » مسوق للتعجيب ، وكلمة « أَفَرَأَيْتَ » كلمة تعجيب وقد فرعه بفاء التفريع على ما تقدمه من قولهم : « أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا » لأن كفر هذا القائل وقوله : « لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً » من سنخ كفرهم ومبني على قولهم للمؤمنين لا خير عند هؤلاء وسعادة الحياة وعزة الدنيا ونعمتها ولا خير إلا ذلك عند الكفار وفي ملتهم.
ومن هنا يظهر أن لقوله : « وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً » نوع ترتب على قوله « كَفَرَ