معناه كما أن في إرجاع ضمير الإفراد في قوله : « فَلْيَمْدُدْ لَهُ » إليه رعاية جانب لفظه.
وقوله : « فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً » قوبل به قولهم السابق : « أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا » أما مكانهم حين يرون العذاب ـ والظاهر أن المراد به عذاب الدنيا ـ فحيث يحل بهم عذاب الله وقد كان مكان صناديد قريش المتلو عليهم الآيات حين نزول العذاب ، قليب بدر التي ألقيت فيها أجسادهم وأما مكانهم يوم يرون الساعة فالنار الخالدة التي هي دار البوار ، وأما ضعف جندهم فلأنه لا عاصم لهم اليوم من الله ويعود كل ما هيئوه لأنفسهم من عدد وعدة سدى لا أثر له.
قوله تعالى : « وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً » إلى آخر الآية ، الباقيات الصالحات الأعمال الصالحة التي تبقى محفوظة عند الله وتستعقب جميل الشكر وعظيم الأجر وقد وعد الله بذلك في مواضع من كلامه.
والثواب جزاء العمل قال في المفردات ، : أصل الثوب رجوع الشيء إلى حالته الأولى التي كان عليها أو إلى الحالة المقدرة المقصودة بالفكرة ـ إلى أن قال ـ والثواب ما يرجع إلى الإنسان من جزاء أعماله فيسمى الجزاء ثوابا تصورا أنه هو ـ إلى أن قال ـ والثواب يقال في الخير والشر لكن الأكثر المتعارف في الخير. انتهى والمرد اسم مكان من الرد والمراد به الجنة.
والآية من تمام البيان في الآية السابقة فإن الآية السابقة تبين حال أهل الضلالة وتذكر أن الله سيمدهم فهم يعمهون في ضلالتهم منصرفين عن الحق معرضين عن الإيمان لاعبين بما عندهم من شواغل الحياة الدنيا حتى يفاجئهم العذاب أو الساعة وتنكشف لهم حقيقة الأمر من غير أن ينتفعوا به وهؤلاء أحد الفريقين في قولهم : « أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً » إلخ.
وهذه الآية تبين حال الفريق الآخر وهم المؤمنون وأن الله سبحانه يمد المهتدين منهم وهم المؤمنون بالهدى فيزيدهم هدى على هداهم فيوفقون للأعمال الباقية الصالحة وهي خير أجرا وخير دارا وهي الجنة ودائم نعيمها فما عند المؤمنين من أمتعة الحياة وهي النعيم المقيم خير مما عند الكافرين من الزخارف الغارة الفانية.
وفي قوله : « عِنْدَ رَبِّكَ » إشارة إلى أن الحكم بخيرية ما للمؤمنين من ثواب ومرد