مأخوذ من ورود الماء أي قصده ليشرب ولا يكون ذلك إلا عن عطش فجعل بذلك الورد كناية عن العطاش ، وفي تعليق السوق إلى جهنم بوصف الاجرام إشعار بالعلية ونظيره تعليق الحشر إلى الرحمن في الآية السابقة بوصف التقوى. ومعنى الآية ظاهر.
قوله تعالى : « لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً » وهذا جواب ثان عن اتخاذهم الآلهة للشفاعة وهو أن ليس كل من يهوى الإنسان شفاعته فاتخذه إلها ليشفع له يكون شفيعا بل إنما يملك الشفاعة بعهد من الله ولا عهد إلا لآحاد من مقربي حضرته ، قال تعالى : « وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ » الزخرف : ٨٦.
وقيل : المراد أن المشفع لهم لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا والعهد هو الإيمان بالله والتصديق بالنبوة ، وقيل : وعده تعالى له بالشفاعة كما في الأنبياء والأئمة والمؤمنين والملائكة على ما في الأخبار ، وقيل : هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن يتبرأ من الحول والقوة وأن لا يرجو إلا الله ، والوجه الأول هو الأوجه وهو بالسياق أنسب.
قوله تعالى : « وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً » من قول الوثنيين وبعض خاصتهم ، وإن قال ببنوة الآلهة أو بعضهم لله سبحانه تشريفا أو تجليلا لكن عامتهم وبعض خاصتهم ـ في مقام التعليم ـ قال بذلك تحقيقا بمعنى الاشتقاق من حقيقة اللاهوت واشتمال الولد على جوهرة والده ، وهذا هو المراد بالآية والدليل عليه التعبير بالولد دون الابن ، وكذا ما في قوله : « إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » إلى تمام ثلاث آيات من الاحتجاج على نفيه.
قوله تعالى : « لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا » إلى تمام ثلاث آيات ، الإد بكسر الهمزة : الشيء المنكر الفظيع ، والتفطر الانشقاق ، والخرور السقوط ، والهد الهدم.
والآيات في مقام إعظام الذنب وإكبار تبعته بتمثيله بالمحسوس يقول : لقد أتيتم بقولكم هذا أمرا منكرا فظيعا تكاد السماوات يتفطرن وينشققن منه وتنشق الأرض وتسقط الجبال على السهل سقوط انهدام إن دعوا للرحمن ولدا.
قوله تعالى : « وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ