أقول : قال في روح المعاني : الظاهر أن الآية على هذا مدنية ، وأنت خبير بأن لا دلالة في شيء من الأحاديث على وقوع القصة في المدينة أصلا.
وفي الدر المنثور ، أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عبد الرحمن بن عوف : أنه لما هاجر إلى المدينة وجد في نفسه على فراق أصحابه بمكة ـ منهم شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة وأمية بن خلف فأنزل الله ـ « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ـ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا ».
أقول : صريح الحديث كون الآية مدنية ويدفعه اتفاق الكل على كون السورة بجميع آياتها مكية وقد تقدم في أول السورة.
وفيه ، أخرج الحكيم الترمذي وابن مردويه عن علي قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوآله عن قوله : « سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا » ـ ما هو؟ قال : المحبة في قلوب المؤمنين والملائكة المقربين ، يا علي إن الله أعطى المؤمن ثلاثا : المقة والمحبة والحلاوة والمهابة في صدور الصالحين.
أقول : المقة المحبة وفي معناه بعض روايات أخر من طرق أهل السنة مبنية على عموم لفظ الآية وهو لا ينافي خصوص مورد النزول.
( فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (٩٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (٩٨) )
( بيان )
الآيتان ختام السورة يذكر سبحانه فيهما تنزيل حقيقة القرآن وهي أعلى من أن تنالها أيدي الأفهام العادية أو يمسه غير المطهرين إلى مرتبة الذكر بلسان النبي صلىاللهعليهوآله