وتعلق القلب بالدنيا وزخارفها.
والقول بأنه خاف أن يصرف مواليه ماله بعد موته فيما لا ينبغي فطلب لذلك عن ربه وارثا مرضيا فاسد فإنه إذا مات الرجل وانتقل ماله بالوراثة إلى آخر صار المال مال الوارث فصرفه على ذمته صوابا أو خطأ ولا مؤاخذة في ذلك على الميت ولا عتاب.
مع أن دفع هذا الخوف كان ميسرا له عليهالسلام بأن يصرفه قبل موته ويتصدق به كله في سبيل الله ويترك بني عمه الأشرار خائبين لسوء أحوالهم وقبح أفعالهم فليس قصده عليهالسلام من مسألة الولد سوى إجراء أحكام الله تعالى وترويج الشريعة وبقاء النبوة في أولاده.
قلت : الإشكال مبني على كون قوله : « فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي » مسوقا لبيان طلب الوراثة المالية لولده والواقع خلافه فليس المقصود من قوله : « وَلِيًّا يَرِثُنِي » بالقصد الأول إلا طلب الولد كما هو الظاهر أيضا من قوله في سورة آل عمران : « هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً » وقوله في موضع آخر : « رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً » الأنبياء : ٨٩.
وإنما قوله : « يَرِثُنِي » قرينة معينة لكون المراد بالولي في الكلام ولاية الإرث التي تنطبق على الولد لكون الولاية معنى عاما ذا مصاديق مختلفة لا يتعين واحد منها إلا بقرينة معينة كما قيدت بالنصرة في قوله : « وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ » الشورى : ٤٦ ، والمراد به ولاية النصرة ، وقيدت بالأمر والنهي في قوله : « وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ » التوبة : ٧١ ، والمراد ولاية التدبير. إلى غير ذلك.
ولو لا أن المراد به الوراثة المالية وأنها قرينة معينة لم يبق في الكلام ما يدل على طلب الولد الذي هو المقصود الأصلي بالدعاء فإن وراثة العلم أو النبوة أو العبادة والكرامة لا إشعار فيها بكون الوارث هو الولد كما اعترف به بعض من حمل الوراثة في الآية على شيء من هذه المعاني فيبقى الدعاء خاليا عن الدلالة على المطلوب الأصلي وكفى به سقوطا للكلام.
وبالجملة ، العناية إنما هي متعلقة بإفادة طلب الولد ، وأما الوراثة المالية فليست