وقد ورد في سورة الأنبياء في القصة : « فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى » الأنبياء : ٩٠ ، وفي سورة آل عمران : « فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى » آل عمران : ٣٩.
وتشهد آية آل عمران على أن قوله : « يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ » إلخ ، كان وحيا بتوسط الملائكة فهو قوله تعالى أدته الملائكة إلى زكريا ، وذلك في قوله ثانيا : « قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ » إلخ ، أظهر.
وفي الآية دلالة على أن الله سبحانه هو الذي سماه يحيى ، وهو قوله : « اسْمُهُ يَحْيى » وأنه لم يسم بهذا الاسم قبله أحد ، وهو قوله : « لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا » أي شريكا في الاسم.
وليس من البعيد أن يراد بالسمي المثل على حد ما سيأتي من قوله تعالى : « فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا » ، : الآية ـ ٦٥ من السورة ويشهد عليه أن الله سبحانه نعته في كلامه بنعوت لم ينعت به أحدا من أنبيائه وأوليائه قبله كقوله فيما سيأتي : « وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا » وقوله : « وَسَيِّداً وَحَصُوراً » آل عمران : ٣٩ ، وقوله : « وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا » ، والمسيح عليهالسلام وإن شاركه في هذه النعوت وهما ابنا الخالة لكن ولادته بعد ولادة يحيى عليهالسلام.
قوله تعالى : « قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا » قال الراغب : الغلام الطار الشارب (١) يقال : غلام بين الغلومة والغلومية ، قال تعالى : « أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ ». قال : واغتلم الغلام : إذا بلغ حد الغلمة. انتهى.
وقال في المجمع ، : العتي والعسي بمعنى يقال : عتا يعتو عتوا وعتيا وعسا يعسو عسوا وعسيا فهو عات وعاس إذا غيره طول الزمان إلى حال اليبس والجفاف. انتهى. وبلوغ العتي كناية عن بطلان شهوة النكاح وانقطاع سبيل الإيلاد.
واستفهامه عليهالسلام عن كون الغلام مع عقر امرأته وبلوغه العتي مع ذكره
__________________
(١) غلام طر شاربه من باب نصر وضرب : أي طلع.