وفسر الحنان في الآية بالرحمة ولعل المراد بها النبوة أو الولاية كقول نوح عليهالسلام : « وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ » هود : ٢٨ ، وقول صالح : « وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً » هود : ٦٣.
وفسر بالمحبة ولعل المراد بها محبة الناس له على حد قوله : « وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي » طه : ٣٩ ، أي كان لا يراه أحد إلا أحبه.
وفسر بتعطفه على الناس ورحمته ورقته عليهم فكان رءوفا بهم ناصحا لهم يهديهم إلى الله ويأمرهم بالتوبة ولذا سمي في العهد الجديد بيوحنا المعمد.
وفسر بحنان الله عليه كان إذا نادى ربه لباه الله سبحانه على ما في الخبر فيدل على أنه كان لله سبحانه حنان خاص به على ما يفيده تنكير الكلمة.
والذي يعطيه السياق وخاصة بالنظر إلى تقييد الحنان بقوله : « مِنْ لَدُنَّا » ـ والكلمة إنما تستعمل فيما لا مجرى فيه للأسباب الطبيعية العادية أو لا نظر فيه إليها ـ أن المراد به نوع عطف وانجذاب خاص إلهي بينه وبين ربه غير مألوف ، وبذلك يسقط التفسير الثاني والثالث ثم تعقبه بقوله : « زَكاةً » والأصل في معناه النمو الصالح ، وهو لا يلائم المعنى الأول كثير ملائمة فالمراد به إما حنان من الله سبحانه إليه بتولي أمره والعناية بشأنه وهو ينمو عليه ، وإما حنان وانجذاب منه إلى ربه فكان ينمو عليه ، والنمو نمو الروح.
ومن هنا يظهر وهن ما قيل : إن المراد بالزكاة البركة ومعناها كونه مباركا نفاعا معلما للخير ، وما قيل : إن المراد به الصدقة ، والمعنى وآتيناه الحكم حال كونه صدقة نتصدق به على الناس أو المعنى أنه صدقة من الله على أبويه أو المعنى أن الحكم المؤتى صدقة من الله عليه وما قيل : إن المراد بالزكاة الطهارة من الذنوب.
قوله تعالى : « وَكانَ تَقِيًّا وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا » التقي صفة مشبهة من التقوى مثال واوي وهو الورع عن محارم الله والتجنب عن اقتراف المناهي المؤدي إلى عذاب الله ، والبر بفتح الباء صفة مشبهة من البر بكسر الباء وهو الإحسان ، والجبار قال في المجمع ، : الذي لا يرى لأحد عليه حقا وفيه جبرية وجبروت ، والجبار من النخل ما فات اليد. انتهى. فيئول معناه إلى أنه المستكبر المستعلي الذي يحمل الناس ما أراد ولا يتحمل عنهم ، ويؤيده تعقيبه بالعصي فإنه صفة مشبهة من العصيان