والأصل في معناه الامتناع.
ومن هنا يظهر أن الجمل الثلاث مسوقة لبيان جوامع أحواله بالنسبة إلى الخالق والمخلوق ، فقوله : « وَكانَ تَقِيًّا » حاله بالنسبة إلى ربه ، وقوله : « وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ » حاله بالنسبة إلى والديه ، وقوله : « وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا » حاله بالنسبة إلى سائر الناس ، فكان رءوفا رحيما بهم ناصحا متواضعا لهم يعين ضعفاءهم ويهدي المسترشدين منهم ، وبه يظهر أيضا أن تفسير بعضهم لقوله : « عَصِيًّا » بقوله : أي عاصيا لربه ليس على ما ينبغي.
قوله تعالى : « وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا » السلام قريب المعنى من الأمن ، والذي يظهر من موارد استعمالها في الفرق بينهما أن الأمن خلو المحل مما يكرهه الإنسان ويخاف منه والسلام كون المحل بحيث كل ما يلقاه الإنسان فيه فهو يلائمه من غير أن يكرهه ويخاف منه.
وتنكير السلام لإفادة التفخيم أي سلام فخيم عليه مما يكرهه في هذه الأيام الثلاثة التي كل واحد منها مفتتح عالم من العوالم التي يدخلها الإنسان ويعيش فيها فسلام عليه يوم ولد فلا يمسه مكروه في الدنيا يزاحم سعادته ، وسلام عليه يوم يموت ، فسيعيش في البرزخ عيشة نعيمة ، وسلام عليه يوم يبعث حيا فيحيا فيها بحقيقة الحياة ولا نصب ولا تعب.
وقيل : إن تقييد البعث بقوله : « حَيًّا » للدلالة على أنه سيقتل شهيدا لقوله تعالى في الشهداء : « بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ » آل عمران : ١٦٩.
واختلاف التعبير في قوله : « وُلِدَ » « يَمُوتُ » « يُبْعَثُ » لتمثيل أن التسليم في حال حياته عليهالسلام.
( بحث روائي )
في المجمع ، : وروي عن أمير المؤمنين عليهالسلام : أنه قال في دعائه : أسألك يا كهيعص.
وفي المعاني ، بإسناده عن سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق عليهالسلام في حديث قال : وكهيعص معناه أنا الكافي الهادي ـ الولي العالم الصادق الوعد.