اعتراف بأن لا قرينة على إرادة غير المال من لفظة يرثني من جهة سياق الآيات بل الأمر بالعكس وإنما اضطرهم إلى الحمل المذكور حفظ ظاهر الحديث لصحته عندهم وفيه أنه لا معنى لتوقف كلامه تعالى في الدلالة الاستعمالية على قرينة منفصلة وخاصة من غير كلامه تعالى وخاصة مع احتفاف الكلام بقرائن مخالفة ، وهذا غير تخصيص روايات الأحكام وتقييدها لعمومات آيات الأحكام ومطلقاتها ، فإن ذلك تصرف في محصل المراد من الخطاب لا في دلالة اللفظ بحسب الاستعمال.
على أنه لا معنى لحجية أخبار الآحاد في غير الأحكام الشرعية التي ينحصر فيها الجعل التشريعي لا سيما مع مخالفة الكتاب وهذه كلها أمور مبينة في علم الأصول.
وأما قوله : « قد قدمنا ما يعلم منه ما فيه » يشير إلى أخذ قوله : « وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا » تأكيدا لقوله : « وَلِيًّا يَرِثُنِي » أي في النبوة أو أخذ قوله : ( رَضِيًّا ) ، بمعنى المرضي عند الناس دفعا للغو الكلام وقد قدمنا في بيان الآية ما يعلم منه ما فيه.
وفي تفسير العياشي ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إن زكريا لما دعا ربه أن يهب له ذكرا ـ فنادته الملائكة بما نادته به أحب أن يعلم ـ أن ذلك الصوت من الله أوحى إليه ـ أن آية ذلك أن يمسك لسانه عن الكلام ثلاثة أيام. قال : لما أمسك لسانه ولم يتكلم ـ علم أنه لا يقدر على ذلك إلا الله. الحديث.
وفي تفسير النعماني ، بإسناده عن الصادق عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام حين سألوه عن معنى الوحي فقال : منه وحي النبوة ومنه وحي الإلهام ومنه وحي الإشارة ـ وساقه إلى أن قال وأما وحي الإشارة فقوله عز وجل : « فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ ـ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا » ـ أي أشار إليهم كقوله تعالى : « أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً ».
وفي المجمع ، : عن معمر قال : إن الصبيان قالوا ليحيي : اذهب بنا نلعب قال : ما للعب خلقنا ، فأنزل الله تعالى : « وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا » : وروي ذلك عن أبي الحسن الرضا (ع).
أقول : وروي في الدر المنثور ، هذا المعنى عن ابن عساكر عن معاذ بن جبل مرفوعا ، وروي أيضا ما في معناه عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوآله.