وفيه استهانة بأمرهم وأنه لا يعجل بعذابهم لأنهم لا يفوتونه.
وقوله : « سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ » الآية الآتية تشهد بأن المراد بإراءة الآيات تعذيبهم بنار جهنم وهي قوله « لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ » إلخ.
قوله تعالى : « وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ » القائلون هم الذين كفروا والمخاطبون هم النبي صلىاللهعليهوآله والمؤمنون وكان مقتضى الظاهر أن يقولوا؟ إن كنت من الصادقين لكنهم عدلوا إلى ما ترى ليضيفوا إلى تعجيز النبي صلىاللهعليهوآله بمطالبته ما لا يقدر عليه إضلال المؤمنين به وإغراؤهم عليه والوعد هو ما اشتملت عليه الآية السابقة وتفسره الآية اللاحقة.
قوله تعالى : « لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ » « لَوْ » للتمني و « حِينَ » مفعول يعلم على ما قيل وقوله « لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ » أي لا يدفعونها حيث تأخذهم من قدامهم ومن خلفهم وفيه إشارة إلى إحاطتها بهم.
وقوله : « وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ » معطوف على ما تقدمه لرجوع معناه إلى الترديد بالمقابلة والمعنى لا يدفعون النار باستقلال من أنفسهم ولا بنصر من ينصرهم على دفعه.
والآية في موضع الجواب لسؤالهم عن الموعد ، والمعنى ليت الذين كفروا يعلمون الوقت الذي لا يدفعون النار عن وجوههم ولا عن ظهورهم لا باستقلال من أنفسهم ولا هم ينصرون في دفعها.
قوله تعالى : « بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ » الذي يقتضيه السياق أن فاعل تأتيهم ضمير راجع إلى النار دون الساعة كما ذهب إليه بعضهم ، والجملة إضراب عن قوله في الآية السابقة : « لا يَكُفُّونَ » إلخ. لا عن مقدر قبله تقديره لا تأتيهم الآيات بحسب اقتراحهم بل تأتيهم بغتة ، ولا عن قوله : « لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا » بدعوى أنه في معنى النفي والتقدير لا يعلمون ذلك بل تأتيهم بغتة فإن هذه كلها وجوه يأبى عنها السياق.
ومعنى إتيان النار بغتة أنها تفاجئهم حيث لا يدرون من أين تأتيهم وتحيط بهم