فجاء إلى جميع الكورة المحيطة بالأردن ـ يكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا. كما هو مكتوب في سفر أقوال أشعيا النبي القائل « صوت خارج في البرية أعدوا طريق الرب ـ اصنعوا سبله مستقيمة ، كل واد يمتلئ وكل جبل وأكمة ينخفض ـ وتصير المعوجات مستقيمة والشعاب طرقا سهلة ـ ويبصر كل بشر خلاص الله.
وكان يقول للجموع الذين خرجوا ليعمدوا منه ـ يا أولاد الأفاعي من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي ـ فاصنعوا أثمارا تليق بالتوبة ـ ولا تبتدءوا تقولون في أنفسكم لنا إبراهيم أبا ـ لأني أقول لكم ـ إن الله قادر على أن يقيم من هذه الحجارة أولادا لإبراهيم ـ والآن قد وضعت الفأس على أصل الشجر ـ فكل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار.
وسأله الجموع قائلين فما ذا نفعل. فأجاب وقال لهم من له ثوبان فليعط من ليس له ـ ومن له طعام فليفعل هكذا. وجاء عشارون أيضا ليعمدوا ـ فقالوا له يا معلم ما ذا نفعل ـ فقال لهم لا تستوفوا أكثر مما فرض لكم. وسأله جنديون أيضا قائلين وما ذا نفعل نحن ، فقال لهم لا تظلموا أحدا ـ ولا تشوا بأحد واكتفوا بعلائقكم.
وإذ كان الشعب ينتظر ـ والجميع يفكرون في قلوبهم عن يوحنا لعله المسيح ـ أجاب يوحنا الجميع قائلا أنا أعمدكم بماء ـ ولكن يأتي من هو أقوى مني ـ الذي لست أهلا أن أحل سيور حذائه هو ـ سيعمدكم بروح القدس ونار الذي رفشه في يده ـ وسينقي بيدره ويجمع القمح إلى مخزنة ـ وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ ـ وبأشياء أخر كثيرة كان يعظ الشعب ويبشرهم.
أما هيردوس رئيس الربع ـ فإذا توبخ منه لسبب هيروديا امرأة فيلبس أخيه ـ ولسبب جميع الشرور التي كان هيرودس يفعلها ـ زاد هذا أيضا على الجميع أنه حبس يوحنا في السجن. ولما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع أيضا. (١)
وفيه : أن هيرودس نفسه كان قد أرسل وأمسك يوحنا ـ وأوثقه في السجن من أجل هيروديا امرأة فيلبس أخيه ـ إذ كان قد تزوج بها. لأن يوحنا كان يقول لهيرودس ـ لا يحل أن تكون لك امرأة أخيك. فحنقت هيروديا عليه وأرادت أن
__________________
(١) إنجيل مرقس الإصحاح السادس ١٧ ـ ٢٩