نفس المحسوس الخارجي بعينه ، وأن العلم بالمحسوس في نفسه مستند إلى الحس نفسه مع التخلف نادرا.
وأجيب عن الإشكال الثالث بأن أصل تجويز تصور الملك بصور سائر الحيوان غير الإنسان قائم في الأصل ، وإنما عرف فساده بدلائل السمع.
وفيه أنه لا دليل من جهة السمع يعتد به نعم يرد على أصل الإشكال أن المراد بالإمكان إن كان هو الإمكان المقابل للضرورة والامتناع فمن البين أن تمثل الملك بصورة الإنسان لا يستلزم إمكان تمثله بصورة غيره من الحيوان ، وإن كان هو الإمكان بمعنى الاحتمال العقلي فلا محذور في الاحتمال حتى يقوم الدليل على نفيه أو إثباته.
وأجيب عن الإشكال الرابع بمثل ما أجيب به عن الثالث فإن احتمال التخلف قائم في المتواتر لكن دلائل السمع تدفعه. وفيه أن نظير الاحتمال قائم في نفس دليل السمع ، فإن الطريق إليه حاسة السمع والجواب الصحيح عن هذا الإشكال هو الذي أوردناه جوابا عن الإشكال الثاني. والله أعلم.
فظهر مما قدمناه أن التمثل هو ظهور الشيء للإنسان بصورة يألفها الإنسان وتناسب الغرض الذي لأجله الظهور كظهور جبريل لمريم في صورة بشر سوي لما أن المعهود عند الإنسان من الرسالة أن يتحمل إنسان الرسالة ثم يأتي المرسل إليه ويلقي إليه ما تحمله من الرسالة من طريق التكلم والتخاطب ، وكظهور الدنيا لعلي عليهالسلام في صورة امرأة حسناء لتغره لما أن الفتاة الفائقة في جمالها هي في باب الأهواء واللذائذ النفسانية أقوى سبب يتوسل به للأخذ بمجامع القلب والغلبة على العقل إلى غير ذلك من الأمثلة الواردة.
فإن قلت : لازم ذلك القول بالسفسطة فإن الإدراك الذي ليست وراءه حقيقة تطابقه من جميع الجهات ليس إلا وهما سرابيا وخيالا باطلا ورجوعه إلى السفسطة.
قلت : فرق بين أن يكون هناك حقيقة يظهر للمدرك بما يألفه من الصور وتحتمله أدوات إدراكه وبين أن لا يكون هناك إلا صورة إدراكية ليس وراءها شيء ، والسفسطة هي الثاني دون الأول وتوخي أزيد من ذلك في باب العلم الحصولي طمع فيما لا مطمع فيه وتمام الكلام في ذلك موكول إلى محله. والله الهادي.