فردا مثله ، والله سبحانه غني عن التوسل في فعله إلى التدريج ولا مثل له بل ما أراده كان كما أراده من غير مهلة وتدريج من غير أن يماثله ، وقد تقدم نظير هذا المعنى في تفسير قوله : « وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ » ، الآية : البقرة : ١١٦ في الجزء الأول من الكتاب.
قوله تعالى : « وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ » معطوف على قوله : « إِنِّي عَبْدُ اللهِ » وهو من قول عيسى عليهالسلام ، ومن الدليل عليه وقوع الآية بعينها في المحكي من دعوته قومه في قصته من سورة آل عمران ، ونظيره في سورة الزخرف حيث قال : « إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ » الزخرف : ٦٥.
فلا وجه لما احتمله بعضهم أن الآية استئناف وابتداء كلام من الله سبحانه أو أمر منه للنبي صلىاللهعليهوآله أن يقول : إن الله ربي و « ربكم » إلخ على أن سياق الآيات أيضا لا يساعد على شيء من الوجهين فهو من كلام عيسى عليهالسلام ختم كلامه بالاعتراف بالمربوبية كما بدأ كلامه بالشهادة على العبودية ليقطع به دابر غلو الغالين في حقه ويتم الحجة عليهم.
قوله تعالى : « فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ » الأحزاب جمع حزب وهو الجمع المنقطع في رأيه عن غيره فاختلاف الأحزاب هو قول كل منهم فيه عليهالسلام خلاف ما يقوله الآخرون ، وإنما قال : « مِنْ بَيْنِهِمْ » لأن فيهم من ثبت على الحق ، وربما قيل « مِنْ » زائدة والأصل اختلف الأحزاب بينهم ، وهو كما ترى.
والويل كلمة تهديد تفيد تشديد العذاب ، والمشهد مصدر ميمي بمعنى الشهود : هذا.
وقد تقدم الكلام في تفصيل قصص المسيح عليهالسلام وكليات اختلافات النصارى فيه في الجزء الثالث من الكتاب.
قوله تعالى : « أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ »