ومن هنا قيل : إنّ هذا الصنف من مراسيل الفقيه ، إن لم يكن أقوى ممّا عرف إسناده ، فلا يقصر عنه.
وبالجملة فهو ـ رحمهالله ـ أحقّ بأن يعمل بما قرّره ، ومن سبر مؤلّفاته عرف شدّة إتقانه وضبطه في نقل الأخبار والآثار ، ورعاية القوانين المودعة في كتب الدراية.
والسيّد الجليل ، العالم المتبحّر النبيل ، السيد حسين القزويني ، قال في المبحث الخامس من كتاب جامع الشرائع ، في بيان الاعتماد على مؤلّفي الكتب المنتزعة منها ، قال : ومصباح الشريعة المنسوب إليه ـ يعني الصادق عليهالسلام ـ بشهادة الشارح الفاضل ـ يعني الشهيد الثاني رحمهالله ـ والسيد ابن طاوس ، والفاضل العارف مولانا محسن القاساني ، وغيرهم ، فلا وجه لتشكيك بعض المتأخّرين بعد ذلك ، انتهى.
وقال العلاّمة المجلسي في البحار : وكتاب مصباح الشريعة فيه بعض ما يريب اللّبيب الماهر ، وأسلوبه لا يشبه سائر كلمات الأئمّة عليهمالسلام وآثارهم ، وروى الشيخ في مجالسه بعض أخباره هكذا : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل الشيباني ، بإسناده عن شقيق البلخي ، عمّن أخبره من أهل العلم.
وهذا يدلّ على أنّه كان عند الشيخ ـ رحمهالله ـ وفي عصره ، وكان يأخذ منه ، ولكنّ لا يثق به كلّ الوثوق ، ولم يثبت عنده كونه مرويّا عن الصادق عليهالسلام ، وإنّ سنده ينتهي إلى الصوفيّة ، ولذا اشتمل على كثير من اصطلاحاتهم ، وعلى الرواية من مشايخهم ، ومن يعتمدون عليه في رواياتهم ، والله يعلم ، انتهى (١).
قلت : أمّا مغايرة الأسلوب فغير مضرّ ، وسنشير ان شاء الله إلى وجهه.
وأمّا قوله : وروى الشيخ بعض أخباره. إلى آخره ، ثمّ فرّع عليه
__________________
(١) بحار الأنوار ١ : ٣٢.