العلماء ، قال فيه ـ أي في نقله من تلك النسخة : ـ قال فلان ـ يعني ذلك المصنّف ـ وألا يثق بالنسخة ، قال : بلغني عن فلان أنّه ذكر كذا وكذا ، أو وجدت في نسخة من الكتاب الفلاني وما أشبه ذلك من العبارات.
وقد تسامح أكثر الناس في هذا الزمان بإطلاق اللفظ الجازم في ذلك ، من غير تجوّز وتثبّت ، فيطالع أحدهم كتابا منسوبا إلى مصنّف معيّن ، وينقل منه من غير أن يثق بصحة النسخة قائلا : قال فلان كذا ، وذكر فلان كذا. وليس بجيّد ، بل الصواب ما فصّلناه (١). وهذا الكلام منه رحمهالله وإن كان في مقام علم انتساب النسخة إلى المؤلّف ، ولم يطمئن بصحّة ما فيها ، ولكنّه يدلّ فيما لم يعلم أصل النسبة بطريق أولى.
وقال المحقّق الداماد قدسسره في الرواشح ، في ردّ من استدلّ على حجّيّة المراسيل مطلقا : بأنّه لو لم يكن الوسط الساقط عدلا عند المرسل ، لما ساغ له إسناد الحديث إلى المعصوم سلام الله عليه ، وكان جزمه بالإسناد الموهم لسماعة إيّاه من عدل تدليسا في الرواية ، وهو بعيد من أئمّة النقل ، قال : وإنّما يتمّ إذا كان الإرسال بالإسقاط رأسا والإسناد جزما ، كما لو قال المرسل : قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو قال الإمام عليهالسلام ذلك ، وذلك مثل قول الصدوق ، عروة الإسلام رضياللهعنه في الفقيه ، قال عليهالسلام : « الماء يطهّر ولا يطهّر (٢) » إذ مفاده الجزم ، أو الظنّ بصدور الحديث عن المعصوم ، فيجب أن تكون الوسائط عدولا في ظنّه ، وإلاّ كان الحكم الجازم بالإسناد هادما لجلالته وعدالته ، بخلاف ما لو التزم العنعنة وأبهم الواسطة ، كقوله : عن رجل ، أو عن صاحب لي ، أو عن بعض أصحابه مثلا ، انتهى (٣).
__________________
(١) الدراية : ١٠٩.
(٢) الفقيه : ١ : ٦ / ٢.
(٣) الرواشح السماوية : ١٧٤.