وفيها ما يشير إليه ، بل رأينا كثيرا من الكلمات التي تنسب إليهم ، هي ممّا سرقوها من معادن الحكمة ، ونسبوها إلى أنفسهم ، أو مشايخهم.
قال تلميذ المفيد قدسسره ، أبو يعلى الجعفري ، في أول كتاب النزهة (١) : إنّ عبد الملك بن مروان كتب الى الحجّاج : إذا سمعت كلمة حكمة فاعزها الى أمير المؤمنين ـ يعني نفسه ـ فإنّه أحقّ بها ، وأولى من قائلها (٢) ، انتهى.
ولولا خوف الإطالة لذكرت شطرا من هذا الباب ، بل قد ورد النهي عن الاستعانة بهم. فروى سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار ، عن الباقر عليهالسلام أنّه قال لجابر : « يا جابر ولا تستعن بعدوّ لنا [ في ] حاجة ، ولا تستطعمه ، ولا تسأله شربة ، أما إنّه ليخلّد في النار ، فيمرّ به المؤمن ، فيقول : يا مؤمن ألست فعلت بك كذا وكذا؟ فيستحيي منه ، فيستنقذه من النار » (٣).
الحجّة : هذا حال طعام الأجساد ، فكيف بقوت الأرواح؟.
إذا عرفت ذلك فلنرجع الى ما في كلمات هؤلاء المشايخ العظام فنقول :
أمّا أوّلا : فما في البحار ، والرياض ، من أنّه لا يشبه سائر كلمات الأئمّة عليهمالسلام ، وأنّه على أسلوب الصوفيّة ، ومشتمل على مصطلحاتهم (٤). ففيه : إنّ كلماتهم عليهمالسلام وعباراتهم عليهمالسلام في كشف المطالب المتعلّقة بالمعارف والأخلاق ، مختلفة بحسب الألفاظ والتأدية ، وإن لم تختلف بحسب المعنى والحقيقة ، وهذا ظاهر لمن أجال الطرف في أكناف كلمات أمير المؤمنين عليهالسلام ، وسائر الأئمّة عليهمالسلام في هذه المقامات ، وليس لمن
__________________
(١) تقدم في صحيفة (١٩٢) كلام حول مؤلف الكتاب فراجع.
(٢) لم نعثر على هذا الكلام في النسخة المطبوعة من النزهة.
(٣) مشكاة الأنوار : ٩٩.
(٤) بحار الأنوار ١ : ٣٢ ، ورياض العلماء ٦ : ٤٥.