تقدّم الصادق عليهالسلام من الصوفيّة ، كطاوس اليماني ، ومالك بن دينار ، وثابت البناني ، وأيّوب السجستاني ، وحبيب الفارسي ، وصالح المري ، وأمثالهم ، كتاب يعرف منه أنّ المصباح على أسلوبه ، ومن الجائز أن يكون الأمر بالعكس ، فيكون الذين عاصروه عليهالسلام منهم ، أو تأخّروا عنه ، سلكوا سبيله عليهالسلام في هذا المقصد ، وأخذوا ضغثا من كلماته الحقّة ، ومزجوها بضغث من أباطيلهم ، كما هو طريقة كلّ مبدع مضلّ ، ويؤيّده اتّصال جماعة منهم إليه ، والى الأئمّة من ولده ، كشقيق البلخي ، ومعروف الكرخي ، وأبي يزيد البسطامي طيفور السقّاء ، كما يظهر من تراجمهم في كتب الفريقين ، فيكون ما الّف بعده على أسلوبه ووتيرته.
ثم نقول : ليس في هذا الكتاب من عناوين أبوابه شيء لا يوجد في كثير من الأخبار مثله ، سوى عناوين ثلاثة أبواب من أوّل الكتاب ، ولكن ما شرحه وفصّله فيها كلّها ممّا عليه الكتاب والسنّة ، مع أنّه يوجد في جملة من ادعيتهم ، ومناجاتهم ، وخطبهم عليهمالسلام من العبارات الخاصة ، والكلمات المختصّة ، ما لا يوجد في سائر كلماتهم ، فارجع البصر إلى المناجاة الإنجيليّة الكبرى والوسطى ، وآخر دعاء كميل ، والمناجاة الخمسة عشر ، التي عدّها صاحب الوسائل في الصحيفة الثانية من أدعية السجاد عليهالسلام ، ونسبها إليه من غير تردد ، مع أنّه لا يوجد لها سند ، ولم يحتو عليها كتاب معتمد ، وليس في تمام المصباح ما يوجد فيها من الألفاظ الدائرة في ألسنة القوم.
ثمّ نقول : إنّك بعد التأمّل في ملفّقات القوم في هذا الباب ، تجد المصباح خاليا عن مصطلحاتهم الخاصّة ، التي عليها تدور رحى تمويهاتهم ، كلفظ العشق ، والخمر ، والسكر ، والصحو ، والمحو ، والفناء ، والوصل ، والقطب ، والشيخ ، والطرب ، والسماع ، والجذبة ، والإنيّة ، والوجد ، والمشاهدة ، وغير ذلك ممّا ليس فيه شيء منه.
ثمّ نقول : وفي كتبهم أيضا أخبار معروفة متداولة ، لا توجد فيه.