التقديم والتأخير من الناسخ سهوا ، وإن كان للموجود وجه أيضا. وكذا احتمال التصحيف فيما ذكره ، فإنّ فتح هذا الباب يرفع الوثوق عن كثير من الظواهر ، مع أنّ التعبير عن الصادق عليهالسلام بأب العالم غير معهود عن جاهل غبيّ ، فضلا عن العالم المؤلّف ، بل ولم يعهد رواية صاحب الكتاب عن أبي عبد الله عليهالسلام.
ثمّ أنّه بعد ظهور ما نقلناه ـ أو صراحته في كون الكتاب من تأليفه أو إملائه عليهالسلام ـ يدور الأمر بين كونه منه فهو المطلوب ، أو كونه موضوعا واحتمال الوضع فيه بعيد ، لما يلوح عليه من حقيقة الصدق والحقّ ، ولأنّ ما اشتمل عليه من الأصول والفروع والأخلاق أكثرها مطابق لمذهب الإماميّة ، وما صحّ عن الأئمّة عليهمالسلام ، ولا يخفى أنّه لا داعي للوضع في مثل ذلك ، فإنّ غرض الواضعين تزييف الحقّ وترويج الباطل ، والغالب وقوعه من الغلاة والمفوّضة ، والكتاب خال عمّا يوهم ذلك.
وقد وافقنا على ذلك السيّد العالم المعاصر ، مع إنكاره كون الكتاب منه عليهالسلام أشدّ الإنكار ، فقال في جملة كلماته : فإنّ التأمّل في الأحكام المذكورة فيه ، وإمعان النظر في تضاعيف أبوابه ، وسياق عباراته وفتاويه ، يكشف أنّه ليس من المجعولات ، ومن قبيل كتب الكذّابة والغالين ، الذين يصنّفون الكتب لتخريب المذهب ، بل يظهر ممّا ذكرنا أنّه من مؤلّفات بعض أعاظم فقهاء قدماء أصحابنا ، الذين كانوا لا يعملون إلاّ بالأخبار المعتبرة لديهم ، وإنّ ما ذكر فيه مأخوذ من متون الأخبار ، وإنّ أكثر ما ذكر فيه يوافق أصول المذهب على طريقة سائر كتب قدماء أصحابنا ، العاملين بأخبار الآحاد (١).
قال : وممّا يؤيّد ما ذكرناه من عدم كونه من المجعولات ، أنّ السيد المذكور
__________________
(١) رسالة في تحقيق فقه الرضا عليهالسلام للخوانساري : ٣٨.