الثامن : ما ذكره بعضهم من موافقة أكثر فتاويه لفتاوي الصدوقين ، والمفيد ، في رسالة الشرائع ، والمقنع ، والمقنعة ، وشدّة قربه من الرسالة ، فإنّ أكثر عباراته عباراتها ، بل ظنّ بعضهم أنّه هو بعينه رسالة الشرائع.
قال في الفصول : ويدلّ على ذلك أيضا أنّ كثيرا من فتاوي الصدوقين مطابقة له في اللّفظ ، وموافقة له في العبارة ، لا سيّما عبارة الشرائع ، وإنّ جملة من روايات الفقيه ، التي ترك فيها الإسناد موجودة في الكتاب ، ومثله مقنعة المفيد ، فيظنّ بذلك أنّ الكتاب المذكور كان عندهم ، وأنّهم كانوا يعوّلون عليه ويستندون إليه ، مع ما استبان من طريقة الصدوقين ، من الاقتصار على متون الأخبار ، وإيراد لفظها في مقام بيان الفتوى ، ولذا عدّ الصدوق رسالة والده إليه من الكتب التي عليها المعوّل ، وإليها المرجع ، وكان جماعة من الأصحاب يعملون بشرائع الصدوق عند إعواز النّص ، فإنّ الوجه في ذلك ما ذكرناه (١).
ثمّ اعترض عليه بأنّ مطابقة جملة من عبارات المفيد والصدوقين لما فيه ، لا دلالة فيها على أخذها من الكتاب المذكور ، لجواز العكس ، أو كونهما مأخوذين من ثالث.
وفيه : إنّ النسخة القديمة التي كان عليها خطوط العلماء وإجازاتهم على ما تقدّم ، كانت مكتوبة في عصر الرضا عليهالسلام ، فاحتمال العكس منفيّ بتأخّر زمان الصدوقين ، والأخذ من ثالث مع بعده لا ينافي الاستظهار المذكور ، وظنّ كونه من مأخذهم ، خصوصا على ما نراه من كونه من إملائه ، وإنّ تأليفه من أحمد بن محمد بن عيسى ، وداخل في نوادره المعدود في الفهارس من الكتب المعتمدة ويأتي لهذا الكلام تتمّة في التنبيه الأوّل.
التاسع : ما ذكره في الفصول أيضا قال : وأيضا مأخذ جملة من فتاوى القدماء ، التي لا دليل عليها ظاهرا موجود فيه ، فيظهر أنّه كان مرجعهم في
__________________
(١) الفصول الغروية : ٣١١.