قضاة أعصار الصفويّة ، الذين كانوا غير متمكّنين من القضاوة والحكم إلاّ بعد تصديق شيخ الإسلام المعاصر له ، كالمحقّق الكركي ، والسيّد المتقدّم ، والشيخ علي المنشار ، والشيخ البهائي ، والمحقّق السبزواري ، وأضرابهم من أعاظم العلماء ، أو بالجهل ، والحرص ، والحيف ، والطمع ، وغيرها كما هو الغالب في طبقات من بعدهم ، فكيف يصير قاضيا ، ويوصف بالقضاوة ، ولا يعرف علمه ، وجهله ، وعدالته وفسقه؟!.
وأعجب من ذلك نسبة المجلسي الأوّل إلى المسامحة في التوثيق ، في قوله كما تقدّم : إنّ من فضل الله علينا ، إنّه كان السيّد الفاضل ، الثقة ، المحدّث ، القاضي أمير حسين ـ رحمهالله ـ الى آخره ، ومثله كلام الثاني في البحار ، فلينصف الناظر.
إنّ حبّ التأييد والحجيّة أعمى وأصمّ السيد المؤيّد بحر العلوم ، أو حبّ عدم الحجيّة أعمى من يتشبّث له بهذه الأمور ، التي هي أوهى من الحشيش ، من إنكار العلم والوثاقة في السيّد بعد أزيد من مائتي سنة ، مع تصريح هؤلاء الأعلام المعاصرين له بهما ، وبالجلالة والنبالة ، مع عدم وجود ما يعارض كلامهم في حقّه ، ولو من جاهل غبيّ في عصره وبعده.
وأغرب منه أيضا إنّه في هذا المقام نقل كلام صاحب الرياض في ترجمة الفاضل السيّد علي خان المدني ، كما ذكرناه سابقا ، وقال في آخره : وهو غريب ، ولم يذكر وجه الغرابة ، ولم يتمكّن من ردّه بتكذيب صاحب الرياض ، أو تسامحه وغفلته ، أو تجهيله ، فإنّه عنده وعند كلّ من وقف على حاله فوق ما يحوم حول الخيال ، من البصيرة والاطّلاع ، والخبرة والمعرفة والضبط ، مع شدّة الوثاقة في النقل ، مع أن في هذا المنقول تكذيب جملة من دعاويه مع قطع النظر عن الحجيّة وعدمها ، كانحصار النسخة فيما أتى به القاضي ، وإنّ المجلسي الأوّل هو مروّجها ، وإنّه لم يكن لها ذكر قبله ، وغير ذلك ممّا مرّ.
قال : وثالثها : إنّ الرجل لو كان بمثابة من الفضل تتطرّق هذه الشبهة