ومن عدم العثور عليه ، أو ظنّ عدم الحاجة إليه لعكوف الأصحاب على أبواب الكتب الأربعة قديما وحديثا ، وبناهم على عدم الحاجة الى المراجعة إلى غيرها.
وعلى ما ذكره من المقدّمات التخمينيّة تتطرّق الشبهة إلى كثير من مآخذ البحار والوسائل ، كما أشرنا إليه سابقا ، إذ لم ينقل عنها ، ولا اعتمد عليها ، ولا أشار إليها من تقدّم على صاحبيهما ، من أرباب المؤلّفات والتصانيف في الفقه والأحكام.
وأمّا رابعا : فقوله : رجل عدل مطّلع على علوم الأخبار ، بصير بدقائق الأمور ، الى آخره (١)
فإنّا لم نطّلع الى الآن من بين الفقهاء والأصوليّين ، فضلا عن المحدّثين والأخباريّين ، على اختلاف مشاربهم في حجيّة الخبر الواحد من اشترط في الراوي بعد العدالة ، والضبط بالمعنى العدمي ـ لا الوجودي الذي هو من شروط الكمال ـ كونه عالما ، مطّلعا بعلوم الأخبار ، وبصيرا بدقائق الأمور ، حتى على طريقة صاحب المعالم ، الذي اشترط في صحّة الخبر كون الراوي ممّن زكاه عدلان (٢) ، فضلا عمّن اكتفى في التزكية بالظنون ، والأمارات الداخلية والخارجية ، فضلا عمّن لم يشترط في الحجيّة عدالة الراوي ، ولم يقتصر على الصّحيح من الأخبار ، وعمل بالموثّق ، والحسن ، والضعيف المنجبر ، كما عليه الأساطين منهم ، وقريب منهم من اقتصر في الحجيّة على ما اطمأنّ بصدوره بالقرائن الداخليّة والخارجيّة ، وهو الخبر الصحيح على طريقة القدماء ، كما حقّق في محلّه.
وعلى ما ذكره لا تكاد تجد خبرا صحيحا في الكتب الأربعة ، فضلا عن غيرها ، فإنّ الصحيح على ما ذكره هو ما كان تمام رجال سنده مثل زرارة ، ومحمد
__________________
(١) روضات الجنات ٢ : ٣٣٦.
(٢) معالم الدين : ٢٠٤.