ابن مسلم ، ممّن حاز بعد العدالة والوثاقة ، مقام العلم ، والاطّلاع ، والبصيرة بدقائق الأمور ، وهو غير موجود أو نادر ، بل الغالب في الصحاح وجود واحد أو أكثر في سندها ممّن اقتصروا في ترجمته بذكر التوثيق ، أو أثبتوا وثاقته بالأمارات ، ككونه ممّن روى عنه صفوان ، أو البزنطي ، وغير ذلك ، وليس في كلامهم إشارة إلى إحرازه المقامات المذكورة ، فتخرج هذه الطوائف من الصحاح ـ وهي جلّها ـ عن حدود الصحّة والحجيّة ، وفيه من اللوازم الباطلة ما لا يخفى على أحد من أهل العالم.
وأمّا خامسا : فقوله : فيصير بمنزلة الخبر الواحد العدل الكذائي المحدّث عن الإمام ، المتّفق على حجيّته في هذه الأعصار.
فإنّه صحيح ، غير قوله : الكذائي ، المشير به الى ما اشترطه في الحجيّة ، ممّا هو من خصائصه ، إلاّ أنّهم مختلفون في وجه الحجيّة ، ولا يوجب دخول الخبر المذكور في حدّ الصحيح التزام كلّ طائفة منهم بأخذه.
فمن كان الحجّة عنده الخبر الموثوق بصدوره ، فربّ صحيح لا يعمل به لعدم الاطمئنان بالصدور ، لأمور تبعده ، ولعلّ منه الخبر المذكور بالنظر الى الموهنات السابقة ، وكذا من اقتصر على حصول الظنّ به ، لما ذكر ، ومن المحتمل دخوله في الأخبار الحدسيّة ، بملاحظة بعض مقدّماته عند بعضهم ، فلا تشمله أدلّة الحجيّة.
وكذا من جعل الحجّة ما يحصل به الظنّ بالواقع ، فلعلّه لا يحصل له الظنّ به بعد النظر الى الموهنات المذكورة.
مع أنّ فيمن اعتنى به على أحد الوجهين من كونه من تأليفه أو إملائه غنى عن تخلّف من تخلّف ، بل يمكن جعل ما ذكره اعتراضا عليهم ، من عدم تمسكهم بما هو جامع لما قرروه من الشرائط.
وأمّا سادسا : فقوله : أو لا أقلّ من الإجماعات المنقولة ، الى آخره (١) ، ففيه
__________________
(١) روضات الجنات ٢ : ٣٣٦.