ومؤلّفاته ، وخصوصا بعد ما عرفت له من التأليف في إثبات العمل بمطلق الأخبار ، الواردة في كتب أصحابنا الأخيار ، وما وقع في أواخر وسائل الشيعة ، من كون كتابي حديثه خارجين عن درجة الاعتماد والاعتبار ، مع أنّ صاحب الوسائل من جملة مشاهير الأخباريّة ، والأخباريّة لا يعتنون بشيء من التصحيحات الاجتهاديّة ، والتنويعات الاصطلاحيّة ، انتهى (١).
وأنت خبير بأنّ كثيرا من العلماء المعروفين ، المذكورين في الإجازات والكتب المعدّة لترجمتهم ، ما قالوا في حقّهم أزيد ممّا قالوا في ترجمة صاحب العنوان ، ولم يعهد منهم تزكيتهم وتوثيقهم بالألفاظ الشائعة المتداولة في الكتب الرجاليّة ، التي يستعملونها في مقام تزكية الرواة وتعديلهم ، فإنّهم أجلّ قدرا ، وأعظم شأنا من الافتقار إليه.
ولذا قال شيخنا الشهيد الثاني في شرح الدراية : وقد مرّ أيضا : تعرف عدالة الراوي بتنصيص عدلين عليها ، أو بالاستفاضة بأن تشتهر عدالته بين أهل النقل وغيرهم من أهل العلم ، كمشايخنا السابقين من عهد الشيخ الكليني وما بعده الى زماننا هذا ، ولا يحتاج أحد من هؤلاء المشهورين الى تنصيص على تزكيته ، ولا تنبيه على عدالته ، لما اشتهر في كلّ عصر من ثقتهم ، وضبطهم ، وورعهم زيادة على العدالة ، وإنّما يتوقّف على التزكية غير هؤلاء (٢).
وعلى ما أسّسه تتطرق الشبهة في جماعة كثيرة من علمائنا الأخيار ، الذين قالوا في ترجمتهم مثل ما قالوا في حقّ صاحب العوالي ، أو أقلّ ، فتخرج أخبار هؤلاء الأعاظم ، ورواياتهم ، ومنقولاتهم ، وأقوالهم عن حدود الصحّة والاعتماد ، ولا يخفى ما في ذلك من القبح والفساد ، بل قدّمنا ذكر جماعة منهم ليس لهم في كتب التراجم ذكر أصلا ، فضلا عن المدح والثناء ، والتزكية والإطراء ، ومع ذلك كتبهم شائعة ، متداولة ، معتمدة.
__________________
(١) روضات الجنات ٧ : ٣٣.
(٢) الدراية : ٦٩.