والعجب أنّه ـ رحمهالله ـ ذكره في أوّل الترجمة بهذا العنوان : الشيخ الفاضل المحقّق ، والحبر الكامل المدقّق ، خلاصة المتأخّرين ، محمد ، الى آخره (١) ، ثمّ تأمّل في وثاقته ، وهي أدنى درجة الكمال.
وقوله : خصوصا بعد ما عرفت ، الى آخره ، فيه :
أوّلا : إنه ليس في اسم الكتاب الذي ألّفه فيه دلالة على اعتقاده على حجيّة مطلق الأخبار.
ففي الأمل : ورسالة في العمل بأخبار أصحابنا (٢) ولم أجده في غيره ، ولكنّه ذكر في أوّل الترجمة هكذا : ورسالة في أنّ على أخبارنا الآحاد في أمثال هذه الأزمان المعوّل ، كما نسبها إليه صاحب الأمل ، وهو أعرف بوجه التعبير ، ولا دلالة فيه أيضا على ما نسبه إليه ، مع أنّه يمكن أن يكون غرضه الموجودة في الكتب الأربعة ، كما عليه جمع من المحقّقين ، أو اشتراط في ضعافها الانجبار ، ولا ينافي ذلك كون المستند هو الخبر الضعيف ، فينطبق على ما عليه جماعة من حجيّة الأقسام الثلاثة (٣) : الصحيح والحسن والموثّق ، والضعيف إذا انجبر.
وثانيا : إنّ اعتقاد حجيّة مطلق أخبار أصحابنا ـ بالنظر الى ما أدّاه إليه
__________________
(١) روضات الجنات ٧ : ٢٦ ترجمة ٧٤٩.
(٢) أمل الآمل ٢ : ٢٥٣ رقم ٧٤٩.
(٣) في هامش الحجرية ما لفظه : ثم اني بعد ما كتبت هذا الموضوع بأشهر عثرت على هذه الرسالة الشريفة فوجدتها في غاية المتانة والدقة والتحقيق ، وضعها على طريقة الفقهاء ـ لكيفية استنباط الأحكام من أدلة الفروع ـ في ضمن فصول ، ذكر في بعضها العلوم التي يحتاج إليها الفقيه وقال فيه :
واما الأصول : فهو العلم الذي عليه مدار الشريعة ، وأساس الفقه ، وجميع أصوله وفروعه مستفادة منه ، فالاحتياج اليه أمسّ من سائر العلوم ، فلا بدّ من ضبطه غاية الضبط ، وكلّما انتهى في معرفته وجوّد البحث في معانيه ، وأكثر من المطالعة في مسائله ، وعرف قوانينه ، وعلم مضمون دلائله كان أقرب إلى معرفة الفقه ، وأسهل طريقا الى سلوك الاستدلال على مسائله ، ويكفي منه الإتقان لمثل : مبادئ الوصول ، وتهذيب الوصول ، وان انتهى إلى منتهى الوصول ونهاية الوصول كان غاية المراد.
وبالجملة فالاحتياج إلى هذا العلم شديد ، والتوصية به جاءت من جميع المشايخ ، وباهماله