ويظهر من جميع ذلك أنّه من العلماء الأعلام ، والأتقياء الكرام ، والمؤلّفين العظام ، وإن لم أجد له ترجمة في الكتب المعدّة لذلك ، ولم أعثر على باب الميم من الرياض ، الذي هو أجمع وأكمل ما صنّف في هذا الباب.
وقال السيّد الأجلّ عبد الكريم بن طاوس ، في الباب الثاني من كتاب فرحة الغري : روى أبو عبد الله محمد بن عليّ بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي الحسني في كتاب فضل الكوفة ، بإسناد رفعه الى عقبة بن علقمة أبي الجنوب (١) ، قال : اشترى أمير المؤمنين عليهالسلام ما بين الخورنق إلى الحيرة إلى الكوفة ، ـ وفي حديث ما بين النجف إلى الحيرة إلى الكوفة ـ ، من الدهاقين بأربعين ألف درهم ، وأشهد على شرائه ، قال : فقيل له يا أمير المؤمنين تشتري هذا بهذا المال وليس تنبت حظّا ، قال : « سمعت من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : كوفان كوفان يرد أوّلها على آخرها ، يحشر من ظهرها سبعون ألفا يدخلون الجنّة بغير حساب ، فاشتهيت أن يحشروا من ملكي ».
أقول : هذا الحديث فيه إيناس بما نحن بصدده ، وذلك أنّ ذكره عليهالسلام ظهر الكوفة إشارة الى ما خرج عن الخندق ، وهي عمارة آهلة الى اليوم ، وإنّما اشترى أمير المؤمنين عليهالسلام ما خرج عن العمارة الى حيث ذكروا ، والكوفة مصرت سنة سبع عشرة من الهجرة ، ونزلها سعد في محرّمها ، وأمير المؤمنين عليهالسلام دخلها سنة ست وثلاثين ، فدلّ على أنّه عليهالسلام اشترى ما خرج عن الكوفة الممصرّة ، فدفنه بملكه أولى ، وهو إشارة إلى دفن الناس عنده ، وكيف يدفن بالجامع ولا يجوز ، أو بالقصر وهو عمارة الملوك؟ ولم يكن داخلا في الشراء لأنّه معمور من قبل (٢) ، انتهى.
ومنه يظهر اعتماده عليه ، واعتناؤه بما رواه ، ووثوقه بخبره ، وكفاه مادحا
__________________
(١) وما ورد في فضل الكوفة من اعتبار الكنية علما آخر غير صحيح ، انظر الإكمال لابن مأكولا ١ : ١٥٨. وفضل الكوفة ٤٢ حديث ٦ و ٧.
(٢) فرحة الغري : ٢٩.