فمن لي بجمع ذلك وحفظه ؟ فقال يوسف : إنّ الله تعالى أوحى إليّ أنّي مدبّره والقيّم به في تلك السّنين ، فقال له الملك : صدقت دونك خاتمي وسريري وتاجي.
فأقبل يوسف على جمع الطّعام في السّنين السّبع الخصيبة يكبسه في الخزائن في سنبله ، ثمّ أقبلت السّنون الجدبة ، أقبل يوسف عليه السّلام على بيع الطّعام ، فباعهم في السّنة الاولى بالدّراهم والدّينار ، حتّى لم يبق بمصر وما حولها دينار ولا درهم إلّا صار في مملكة يوسف ، وباعهم في السّنة الثّانية بالحلي والجواهر حتّى لم يبق بمصر حليّ ولا جوهر إلّا صار في مملكته ، وباعهم في السّنة الثّالثة بالدّواب والمواشي حتّى لم يبق بمصر وما حولها دابّة ولا ماشية إلّا صارت في مملكة يوسف ، وباعهم في السّنة الرّابعة بالعبيد والإِماء حتّى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا أمة إلّا وصار في مملكة يوسف ، وباعهم في السّنة الخامسة بالدّور والعقار حتّى لم يبق بمصر وما حولها دار ولا عقار إلّا صار في مملكة يوسف ، وباعهم في السّنة السّادسة بالمزارع والأنهار حتّى لم يبق بمصر وما حولها نهر ولا مزرعة إلّا صار في مملكة يوسف عليه السّلام ، وباعهم في السّنة السّابعة برقابهم حتّى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا حرًّ إلّا صار في مملكة يوسف عليه السّلام وصاروا عبيداً له.
فقال يوسف للملك : ما ترى فيما خوّلني ربّي ؟ قال : الرّأي رأيك ، قال : إنّي أشهد الله وأشهدك أيُّها الملك انّي أعتقت أهل مصر كلّهم ، ورددت عليهم أموالهم وعبيدهم ، ورددت عليك خاتمك وسريرك وتاجك على أن لا تسير إلّا بسيرتي ، ولا تحكم إلّا بحكمي ، فالله أنجاهم على يديّ ، فقال الملك : إنّ ذلك لديني (١) وفخري ، وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّك رسوله ، وكان من إخوة يوسف وأبيه عليهم السّلام ما ذكرته (٢).
فصل ـ ٤ ـ
١٣٦ ـ وأخبرنا الشّيخ ابوالحسين أحمد بن محمّد بن
عليّ بن محمّد الرّشكي (٣) ، عن
_________________________________
(١) في هامش البحار عن نسخة : لزيني ، وهو أنسب.
(٢) بحار الانوار (١٢ / ٢٩١ ـ ٢٩٣) ، برقم : (٧٦).
(٣) في ق ١ وق ٢ وق ٥ : الرشكي وهو الموافق لما في الرياض (٢ / ٤٣٦) وفي ق ٤ : اليشكري ، وعن بعض : الزّشكي ، وزشك قرية من قرى مشهد الرّضا عليه السلام.