حدثنا عبد الله بن أسماء (١) ، حدّثنا جويرية ، عن سفيان بن منصور ، عن أبي وائل ، عن وهب قال : لمّا تمّ لهود عليه السلام أربعون سنة أوحى الله إليه أن ائت قومك ، فادعهم إلى عبادتي وتوحيدي ، فان أجابوك زدتهم قوّةً وأموالاً ، فبيناهم مجتمعون إذ أتاهم هود ، فقال : يا قوم أعبدوا الله مالكم من الۤه غيره ، فقالوا : يا هود لقد كنت عندنا ثقةً أميناً قال : فانّي رسول الله إليكم دعوا عبادة الأصنام ، فلمّا سمعوا ذلك منه بطشوا به وخنقوه وتركوه كالميّت ، فبقى يومه وليلته مغشيّاً عليه ، فلمّا أفاق قال : ربّ إنّي قد عملت وقد ترى مٰا فَعَلَ بي قومي.
فجاء جبرئيل عليه السلام فقال : يا هود إنّ الله تعالى يأمرك أن لا تفتر عن دعائهم ، وقد وعدك أن يلقي في قلوبهم الرعب ، فلا يقدرون على ضربك بعدها ، فأتاهم هود ، فقال لهم : قد تجبّرتم في الارض وأكثرتم الفساد ، فقالوا : يا هود اترك هذا القول ، فانّا إن بطشنا بك الثّانية نسيت الاولى ، فقال : دعوا هذا وارجعوا إلى الله وتوبوا إليه ، فلمّا رأى القوم ما لبسهم من الرعب علموا انّهم لا يقدرون على ضربه الثّانية ، فاجتمعوا بقوّتهم ، فصاح بهم هود عليه السلام صيحة فسقطوا لوجوههم.
ثم قال : يا قوم قد تماديتم في الكفر ، كما تمادى قوم نوح عليه السلام وخليق أن أدعو عليكم كما دعا نوح على قومه ، فقالوا : يا هود إنّ آلهة قوم نوح كانوا ضعفاء وإنّ آلهتنا أقوياء ، وقد رأيت شدّة أجسامنا (٢) وكان طول الرّجل منهم مائة وعشرين ذراعاً وعرضه ستون ذراعاً ، وكان أحدهم يضرب الجبل الصغير فيقطعه ، فمكث على هذا يدعوهم سبعمائة وستّين سنة.
فلمّا أراد الله تعالى هلاكهم حقف الاحقاف حتى صارت
أعظم من الجبال ، فقال لهم هود يا قوم ألا ترون إلى هذه الرّمال كيف تحقّفت (٣) إنّي أخاف أن تكون
مأمورة ، فاغتمّ هود عليه السلام لما رأى من تكذيبهم إيّاه ونادته الأحقاف قِرَّ يا هود عيناً ، فانّ
لعاد منّا يوم سوء ، فلمّا سمع هود ذلك قال : يا قوم اتّقوا الله واعبدوه ، فان لم تؤمنوا به
صارت هذه
_________________________________
(١) في ق ٢ : عبد الله بن أسماء بن سماعة.
(٢) في ق ١ : أجسادهم.
(٣) في ق ٤ وق ٥ : تخففت.