حينئذٍ ؛ لأنّه يصير التقدير إنّما يجب الغسل بالجنابة إلى آخره ، وبغسل الأموات ، فيصير غسل الأموات من جملة الأسباب ، وهو فاسد ، بل الأولى عطفه على الضمير المستتر في «يجب» ليصير التقدير إنّما يجب الغسل بهذه الأسباب ، (١) وإنّما يجب غسل الأموات ، مضافاً إلى الأغسال المسبّبة عن هذه الخمسة ، وعلى كلّ تقدير فلا تخلو العبارة عن ثقلٍ.
ويمكن أن يكون قوله : «وغسل الأموات» مبتدأ محذوف الخبر ، أي : واجب ، وإنّما غيّر الأُسلوب في العبارة ؛ لأنّ غسل الأموات ليس على نهج الأغسال السالفة. ولو قال بدل «غسل الأموات» : «والموت» كما صنع شيخنا الشهيد (٢) ليكون معطوفاً على الأسباب المتقدّمة ؛ لأنّه بعضها ، كان أوضح.
(وكلّ الأغسال لا بدّ معها من الوضوء) قبلها أو بعدها على المشهور ، خلافاً للسيّد المرتضى ؛ فإنّه اكتفى بالغسل مطلقاً (٣) ؛ استناداً إلى صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : الغسل يجزئ عن الوضوء ، وأيّ وضوء أطهر من الغسل (٤)؟ بناءً على أنّ هذا اللام للجنس ، وأنّ لام الجنس إذا دخل على اسمه أفاد العموم.
والمقدّمتان ممنوعتان ؛ لإمكان حمل اللام على العهد ، ويراد به غسل الجنابة ؛ جمعاً بينها وبين ما سيأتي من الأخبار الدالّة على اختصاص الحكم بغسل الجنابة نصّاً.
(إلا) غسل (الجنابة) فإنّه لا وضوء معه عندنا وجوباً إجماعاً ، ولا استحباباً على المشهور ؛ لقوله تعالى (حَتَّى تَغْتَسِلُوا) (٥) غيّا المنعَ بالغسل ، فلا يتوقّف على غيره ؛ لوجوب مخالفة ما بعد الغاية لما قبلها. ولئلا يلزم جَعْل ما ليس بغاية غايةً.
ولقول الصادق عليهالسلام في كلّ غسل وضوء إلا الجنابة. (٦)
ولصحيح ابن أبي عمير المرسل عن الصادق عليهالسلام كلّ غسل قبله وضوء إلا غسل الجنابة (٧) وقد عمل الأصحاب بمراسيله.
__________________
(١) في الطبعة الحجريّة : «الأشياء» بدل «الأسباب».
(٢) اللمعة الدمشقيّة : ٤ ؛ الذكرى ١ : ٢١٨.
(٣) حكاه عنه المحقّق في المعتبر ١ : ١٩٦.
(٤) التهذيب ١ : ١٣٩ / ٣٩٠ ؛ الاستبصار ١ : ١٢٦ / ٤٢٧.
(٥) النساء (٤) : ٤٣.
(٦) التهذيب ١ : ١٤٣ / ٤٠٣ ، و ٣٠٣ / ٨٨١.
(٧) الكافي ٣ : ٤٥ / ١٣ ؛ التهذيب ١ : ١٣٩ / ٣٩١ ؛ الاستبصار ١ : ١٢٦ / ٤٢٨.