وحاضت السمرة : إذا خرج منها الصمغ الأحمر. (١) انتهى.
ومتى ثبت ذلك عن أهل اللغة فهو خير من النقل ، كما قرّر في الأُصول.
ويمكن الجواب بأنّ مطلق استعمال أهل اللغة لا يدلّ على الحقيقة ؛ فإنّهم يذكرون الحقيقة والمجاز.
سلّمنا ، لكن حمله على الحقيقة يوجب الاشتراك ، والمجاز خير منه.
واعلم أنّ الحكمة في الحيض إعداد المرأة للحمل ثمّ اغتذاؤه به جنيناً ثمّ رضيعاً باستحالته لبناً ، ومن ثَمَّ قلّ حيض الحامل والمرضع على خلافٍ في الأوّل.
أمّا المرضع فالإجماع واقع على إمكانه لها ، وهو يؤيّد إمكانه للحامل ؛ إذ يمكن فضل الغذاء في الموضعين ، مضافاً إلى ما دلّ عليه من الروايات. فإذا خلت المرأة من حملٍ ورضاعٍ ، بقي الدم لا مصرف له ، فيستقرّ في مكانٍ ثمّ يخرج غالباً في كلّ شهر هلاليّ سبعة أَيّام أو ستّة أو أقلّ أو أكثر بحسب قُرب مزاجها من الحرارة وبُعده عنها ، وقد يطول احتباسه ويقصر بحسب ما ركبه الله تعالى في طبعها.
وقد عرّفه المصنّف بتعريفٍ حسّيّ بخواصّ يشترك في العلم بها الفقيه والعامّيّ بقوله (وهو في الأغلب) والتقييد بالأغلبيّة ؛ للتنبيه على أنّه قد يجيء بخلاف ذلك على خلاف الغالب ؛ لما سيأتي أنّ الصفرة والكدرة في أيّام الحيض حيض ، كما أنّ الأسود الحارّ في أيّام الطهر استحاضة (أسود) على حذف الموصوف وإبقاء الصفة ، وهو شائع الاستعمال ، أي : دم أسود.
ولا يشكل بأنّ الإضمار معيب في التعريفات ؛ لأنّ ذلك حيث لا قرينة تدلّ عليه ، وهي موجودة هنا ، فالدم المحذوف في التعريف بمنزلة الجنس القريب شامل للدماء الثلاثة وغيرها.
وقوله : أسود (حارّ يخرج بحُرقة) بضمّ الحاء ، وهي اللذع الحاصل من خروج الدم بدفعٍ وحرارةٍ خاصّة ، مركّبة من القيود المذكورة ، خرج بها باقي الدماء غير دم الحيض.
وقد استُفيدت هذه الخواصّ من الأخبار ، كقول أبي عبد الله عليهالسلام دم الحيض حارّ تجد له حُرقة. (٢)
__________________
(١) المعتبر ١ : ١٩٧.
(٢) الكافي ٣ : ٩٢٩١ / ٣ ؛ التهذيب ١ : ١٥٢١٥١ / ٤٣١.