وفي حديثٍ آخر عنه عليهالسلام دم الحيض حارّ عبيط أسود له دفع وحرارة. (١)
والعبيط بالعين والطاء المهملتين : الخالص الطريّ.
وذكر الحرارة في الحديث الثاني مرّتين إمّا للتأكيد ، أو أراد بالثانية معنى الحُرقة المذكورة في الحديث الآخر.
وإنّما خصّصنا الثانية بذلك ؛ لقرينة الدفع المجاور لها ؛ فإنّ الحُرقة كما قدّمنا مسبّبة عنه وعن الحرارة.
وقوله (من) الجانب (الأيسر) جارٍ على المشهور بين الأصحاب ، وسيأتي تحقيقه. وعلى هذا التقدير فهو من جملة الخاصّة المركّبة ، فالتعريف حينئذٍ رسميّ ؛ لعدم الفصل القريب.
وإنّما قلنا : إنّ القيود المذكورة خاصّة مركّبة لا فصول ؛ لأنّ كلّ واحد منها مع كونه من الأعراض اللاحقة للذات أعمّ من المعرّف وفصوله ؛ فإنّ الأسود مثلاً أعمّ من الدم المطلوب تعريفه بل من سائر الدماء ؛ لتعلّقه بكلّ جسم أسود ، وكذلك الحارّ والخارج بحُرقةٍ ومن الأيسر ، لكن جميع هذه القيود من حيث الاجتماع مخرجة ما عدا المعرّف.
وكلّ هذا إنّما هو في أغلب أحواله ، كما سبق.
(فإن اشتبه) دم الحيض (بالعُذرة) بضمّ العين المهملة وسكون الذال المعجمة ، أي : بدم العُذرة على حذف المضاف ؛ لأنّ العُذرة هي البكارة لا دمها ، وضعت قطنةً بعد أن تستلقي على ظهرها وترفع رِجْليها ثمّ تصبر هنيئةً ثمّ تُخرجها إخراجاً رفيقاً (فإن خرجت القطنة مطوّقةً) بالدم (فهو) دم (عُذرة ، وإلا) أي : وإن لم تخرج القطنة مطوّقةً بل مستنقعةً بالدم (فحيض).
ومستند ذلك روايات عن أهل البيت عليهمالسلام ، لكن في بعضها الأمر باستدخال القطنة من غير تقييد بالاستلقاء ، وفي بعضها استدخال الإصبع مع الاستلقاء. وطريق الجمع حمل المطلق على المقيّد ، والتخيير بين الإصبع والكرسف إلا أنّ الكرسف أظهر في الدلالة.
وفي حديث خلف بن حمّاد عن أبي الحسن الثاني عليهالسلام في حديثٍ طويل إنّ هذا الحكم سرّ من أسرار الله تعالى ، فلا تذيعوه ولا تعلّموا هذا الخلق أُصول دين الله ، بل ارضوا لهم ما رضي الله لهم من ضلال. (٢)
__________________
(١) الكافي ٣ : ٩١ / ١ ؛ التهذيب ١ : ١٥١ / ٤٢٩.
(٢) الكافي ٣ : ٩٢ ـ ٩٣ / ١.