وبعض مَنْ خالفنا ، كأبي حنيفة. (١)
ومستنده روايات من طرقنا وطرقهم.
ولفظ الأخبار «ثلاثة أيّام (٢)» والليالي معتبرة فيها إمّا لكونها داخلةً في مسمّاها بناءً على أنّ «اليوم» اسم للّيل والنهار ، أو للتغليب ، وقد صرّح بدخولها في بعض (٣) الأخبار وفي عبارة بعض الأصحاب (٤) وادّعى المصنّف في المنتهي عليه الإجماع. (٥)
وأمّا قيد التوالي : فعليه الأكثر ، (٦) وخالف فيه الشيخ في النهاية ، (٧) واكتفى بحصولها في جملة عشرة ؛ استناداً إلى رواية (٨) مَنَع من العمل بها شذوذُها وإرسالُها ، فالعمل على ما عليه الأكثر ، ودلّ عليه ظاهر النصّ من اعتبار الثلاثة من غير تقييد.
لكن ما المراد من التوالي؟ ظاهر النصّ الاكتفاء بوجوده في كلّ يوم من الثلاثة وإن لم يستوعبه ؛ لصدق رؤيته ثلاثة أيّام ؛ لأنّها ظرف له ، ولا تجب المطابقة بين الظرف والمظروف ، وهذا هو الظاهر من كلام المصنّف.
وربما اعتبر مع ذلك في تحقّقه أن تتّفق ثلاثة دماء وما بينها في ثلاثة أيّام من غير زيادة ولا نقصان ، فيعتبر في ذلك أنّها إذا رأته في أوّل جزء من أوّل ليلة من الشهر ، تراه في آخر جزء من اليوم الثالث بحيث يكون عند غروبه موجوداً ، وفي اليوم الوسط يكفي أيّ جزء كان منه.
وربما بالغ بعضهم ، فاعتبر فيه الاتّصال في الثلاثة بحيث متى وضعت الكرسف تلوّث به
__________________
(١) الهداية للمرغيناني ١ : ٣٠ ؛ بدائع الصنائع ١ : ٤٠ ؛ المبسوط للسرخسي ٣ : ١٤٧ ؛ حلية العلماء ١ : ٢٨١ ؛ المجموع ٢ : ٣٨٠ ؛ العزيز شرح الوجيز ١ : ٢٩١ ؛ المغني والشرح الكبير ١ : ٣٥٤.
(٢) الكافي ٣ : ٧٥ (باب أدنى الحيض ..) الحديث ٢ ، و ٧٦ / ٥ ؛ علل الشرائع ١ : ٣٣٨ / ١ ، الباب ٢١٧ ؛ الخصال ٢ : ٦٠٦ ؛ التهذيب ١ : ١٥٨١٥٧ / ٤٥٢.
(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٢٠٤ / ٦٢٣ ؛ سنن أبي داوُد ١ : ٧١ / ٢٧٤ ؛ سنن النسائي ١ : ١٢٠ و ١٨٢ ؛ سنن البيهقي ١ : ٤٩٣ / ١٥٧٦ و ١٥٧٧.
(٤) كما في جامع المقاصد ١ : ٢٨٧ ؛ وانظر : المعتبر ١ : ٢٠٢ حيث حكى عن ابن الجنيد قوله في مختصره : أقلّه ثلاثة أيّام بلياليها.
(٥) منتهى المطلب ٢ : ٢٧٩.
(٦) منهم : ابنا بابويه كما في الفقيه ١ : ٥٠ ؛ والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٤٢ ؛ وأبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٢٨ ؛ وابن حمزة في الوسيلة : ٥٦ و ٥٧ ؛ وابن إدريس في السرائر ١ : ١٤٥.
(٧) النهاية : ٢٦.
(٨) الكافي ٣ : ٧٦ / ٥ ؛ التهذيب ١ : ١٥٧ ـ ١٥٨ / ٤٥٢.