في جميع أجزائها ، وقد صرّح بهذا الاعتبار الشيخ جمال الدين بن فهد في المحرّر ، (١) والمحقّق الشيخ علي في الشرح ، وزاد فيه أنّ الاكتفاء بحصوله فيها في الجملة رجوع إلى ما ليس له مرجع. (٢)
وأمّا الحكم الخامس والسادس وهو أنّ الزائد عن أكثره وأكثر النفاس ليس بحيض فالوجه في الأوّل ظاهر ، وفي الثاني ما هو مقرّر من أنّ النفاس حيض محتبس ، ومن ثَمَّ شاركه في معظم الأحكام ، ولا بدّ من تخلّل عشرة هي أقلّ الطهر بين النفاس والحيض ليكون ما قبله وما بعده حيضاً أو كالحيض ، وإنّما جمع بين الأمرين مع اشتراكهما في العلّة ورجوع الثاني إلى الأوّل ؛ لافتراقهما اسماً وحكماً من حيث الجملة ، فلا يلزم حينئذٍ من نفي كون الزائد عن أقصى مدّة الحيض حيضاً نفي كون الزائد عن أقصى مدّة النفاس حيضاً.
ولمّا حكم بأنّ الخارج بعد سنّ اليأس لا يكون حيضاً أراد أن يبيّن السنّ الذي تصير به المرأة يائسةً ، فقال (وتيأس) المرأة (غير القرشيّة) وهي المنسوبة إلى قريش بأبيها خاصّة على المشهور. واحتمال الاكتفاء بالأُمّ هنا أرجح من غيره في نظائره ؛ لأنّ للأُمّ مدخلاً شرعيّاً في لحوق حكم الحيض في الجملة بسبب تقارب الأمزجة ، ومن ثَمَّ اعتبرت الحالات وبناتهنّ في المبتدأة ، كما سيأتي. والمراد بـ «قريش» القبيلة المتولّدة من النضر بن كنانة بن خزيمة ، وجلّ هذه القبيلة الهاشميّون (والنبطيّة) وهي المنسوبة إلى النبط ، وهُم على ما ذكره في الصحاح : قوم ينزلون بالبطائح بين العراقين. قال : وفي كلام أيّوب بن القِرّيّة أهل عمان عرب استنبطوا ، وأهل البحرين نبيط استعربوا ((٣) ببلوغ) أي : بإكمال (خمسين) سنة هلاليّة ، فلا يكفي الطعن في السنة الأخيرة ؛ فإنّ الاعتبار هنا تحقيق لا تقريب (وإحداهما) أي : القرشيّة والنبطيّة (ب) بلوغ (ستّين) سنة ، وهذا التفصيل هو المشهور.
ومستنده في غير النبطيّة صحيحة ابن أبي عمير عن الصادق عليهالسلام إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة إلا أن تكون امرأةً من قريش. (٤)
__________________
(١) المحرّر (ضمن الرسائل العشر) : ١٤٠.
(٢) جامع المقاصد ١ : ٢٨٧ ـ ٢٨٨.
(٣) الصحاح ٣ : ١١٦٢ ، «ن ب ط».
(٤) الكافي ٣ : ١٠٧ / ٣ ؛ التهذيب ١ : ٣٩٧ / ١٢٣٦.