والمراد بالأغسال المشترطة في صحّة الصوم الأغسالُ النهاريّة ، ولا يشترط في صحّة صوم يومٍ غسلُ الليلة المستقبلة ؛ لسبق تمامه ، وقد تقدّم.
وهل يشترط في اليوم الحاضر غسل ليلته الماضية؟ وجهان.
والحقّ أنّها إن قدّمت غسل الفجر ليلاً ، أجزأ عن غسل العشاءين إلى الصوم ، وإن أخّرته إلى الفجر ، بطل الصوم هنا وإن لم نُبطله لو لم يكن غيره.
واعلم أنّ إطلاقهم الحكم بتوقّف الصوم على الأغسال المعهودة يشعر بعدم وجوب تقديم غسل الفجر عليه للصوم ؛ لأنّ المعتبر منه للصلاة ما كان بعد الفجر فليكن للصوم كذلك ؛ لجَعلهم الإخلال به مبطلاً للصوم.
ولا يبعد ذلك وإن كان دم الاستحاضة حدثاً في الجملة ؛ لمغايرته لغيره من الأحداث على بعض الوجوه.
ويحتمل وجوب تقديمه على الفجر هنا ؛ لأنّه حدث مانع من الصوم ، فيجب تقديم غسله عليه ، كالجنابة والحيض المنقطع. ولأنّ جَعلَ الصوم غايةً لوجوب غسل الاستحاضة مع الغمس يدلّ عليه ؛ لأنّ ما كان غايته منه الفعل يقدّم عليه.
ولأنّ اغتفاره في بعض الأحيان بالنسبة إلى العبادات للمشقّة لا يوجب القياس عليه.
وقطع الشهيد رحمهالله بوجوب تقديمه. (١) وتوقّف المصنّف في النهاية. (٢)
وعلى القول بوجوب التقديم هل يراعى في فعله تضيّق الليل لفعله بحيث يجب الاقتصار من التقديم على ما يحصل به الغرض ، أم يجوز فعله فيه مطلقاً؟ لا ريب أنّ مراعاة التضيّق أحوط ؛ تقليلاً للحدث بينه وبين الصلاة بحسب الإمكان.
ولأنّ اغتفار الحدث الطارئ بينه وبينها رخصة ، فيقتصر فيها على مواضع الضرورة.
وحكمهم بتقديمه من غير تقييد يشعر بعدم اعتباره.
وجَعَله في الذكرى مع الصوم كغسل منقطعة الحيض. (٣) وهو يشعر أيضاً بعدم اعتبار التضيّق.
ويستفاد من توقّف الصوم على الأغسال دون الوضوءات كون الوضوء المصاحب
__________________
(١) الدروس ١ : ٩٩.
(٢) نهاية الإحكام ١ : ١٢٩.
(٣) الذكرى ١ : ٢٤٩.