لتضادّها ، ولا على بعضها ؛ لأنّه ليس بعضها بالعمل عليه أولى من بعض.
والثاني : أنّه يحتمل أن يكون خرجت مخرج التقيّة ؛ لأن كلّ مَنْ يخالفنا يذهب إلى أن أيّام النفاس أكثر ممّا نقوله ، ولهذا اختلفت ألفاظ الأحاديث كاختلاف العامّة في مذاهبهم ، فكأنّهم عليهمالسلام أفتوا كلّ قوم منهم على حسب ما عرفوا من رأيهم ومذاهبهم.
والثالث : أنه لا يمتنع أن يكون السائل سألهم عن امرأة أتت عليها هذه الأيّام فلم تغتسل ، فأمروها بعد ذلك بالاغتسال وأن تعمل كما تعمل المستحاضة ، ولم يدلّ على أنّ ما فعلت المرأة في هذه الأيّام كان حقّا.
قال : والذي يكشف عمّا قلناه ما رواه محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه رفعه ، قال : سألت امرأة أبا عبد الله عليهالسلام ، فقالت : إنّي كنت أقعد في نفاسي عشرين يوماً حتى أفتوني بثمانية عشر يوماً ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام ولِمَ أفتوك بثمانية عشر يوماً؟
فقال الرجل : للحديث الذي روي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لأسماء بنت عميس حين نفست بمحمد بن أبي بكر ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام إنّ أسماء سألت رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد أتى لها ثمانية عشر يوماً ، ولو سألته قبل ذلك لأمرها أن تغتسل وتفعل كما تفعل المستحاضة (١) و (٢) ثمّ ساق أحاديث كثيرة تدلّ على ذلك.
وأمّا حمل المصنّف لحديث أسماء على المبتدئة (٣) فبعيد جدّاً ؛ لأنّها تزوّجت بأبي بكر بعد موت جعفر بن أبي طالب ، (٤) وولادتها من جعفر عدّة أولاد ، ويبعد حينئذٍ عدم حيضها في جميع هذه المدّة مع ولادتها عدّة أولاد وإن كان ذلك داخلاً في حيّز الإمكان.
(وحكمها كالحائض في كلّ الأحكام) الواجبة والمندوبة والمحرّمة والمكروهة والغسل والوضوء ؛ لأنّه في الحقيقة دم حيض احتبس (إلا) في أُمور :
الأوّل (الأقلّ) فإنّ الإجماع على أنّ أقلّ الحيض ثلاثة في الجملة ، ولا حدّ لأقلّ النفاس.
الثاني : في الأكثر ؛ للخلاف في أكثره ، كما عرفت ، والاتّفاق على أكثر الحيض.
الثالث : أنّ الحيض دليل على سبق البلوغ ، بخلاف النفاس ؛ فإنّ الدلالة حصلت
__________________
(١) الكافي ٣ : ٩٨ ـ ٩٩ / ٣.
(٢) التهذيب ١ : ١٧٨ ١٧٩.
(٣) مختلف الشيعة ١ : ٢١٧ ، المسألة ١٥٧.
(٤) أُسد الغابة ٧ : ١٥١٤ / ٦٧٠٦.