بالحمل ؛ لأنّه أسبق من النفاس ، فدلّ على سبق البلوغ على الوضع بستّة أشهر فما زاد. وهذا الوجه ذكره المصنّف في النهاية ، (١) وتبعه عليه في الذكرى. (٢)
وفيه نظر ؛ لأنّ دلالة الحمل عليه لا تمنع من دلالة النفاس أيضاً ؛ لإمكان اجتماع دلالات كثيرة ، فإنّ هذه الأُمور معرّفات شرعيّة لا علل عقليّة ، فلا يمتنع اجتماعها ، كما أنّ الحيض غالباً لا يوجد إلا بعد سبق البلوغ بغيره.
الرابع : أنّ العدّة تنقضي بالحيض دون النفاس غالباً ، وخرج من الغالب ما لو طُلّقت الحامل من زنا ، فإنّ النفاس حينئذٍ يُعدّ قُرءاً ، فإن رأت قُرءين في زمان الحمل ، انقضت العدّة بظهور النفاس أو انقطاعه على الخلاف ، ولو لم يتقدّمه قُرءان ، عدّ في الأقراء.
الخامس : أنّ الحائض ترجع إلى عادتها في الحيض عند التجاوز ، بخلاف النفساء ؛ فإنّها إنّما ترجع إلى عادة الحيض لا النفاس.
السادس : أنّ الحائض ترجع إلى نسائها في الحيض على بعض الوجوه ، ولا ترجع النفساء إليهنّ في النفاس إلا على رواية (٣) شاذّة.
السابع : أنّ النفساء لا ترجع إليهنّ أيضاً في الحيض إذا كانت مبتدئةً ، ولا هي والمضطربة إلى الروايات ، ولا هُما وذات العادة إلى التمييز.
الثامن : قيل : لا يشترط أن يكون بين الحيض والنفاس أقلّ الطهر سابقاً ولاحقاً ، بخلاف الحيضتين ، وقد تقدّم الكلام فيه.
التاسع : أنه لا يشترط في النفاسين أقلّ الطهر ، كما في التوأمين ، بخلاف الحيضتين أيضاً.
العاشر : في نيّة الغسل إذا أرادت تخصيص الحدث الموجب للغسل ، فإنّ هذه تنوي النفاس وتلك الحيض. فهذه اثنا عشر فرقاً ؛ لأنّ السابع يشتمل على ثلاثة.
تنبيه : ممّا يترتّب على اتّفاقهما في الأحكام غير ما ذُكر أنّ النفساء لو استُحيضت بأن تجاوز دمها العشرة ، فإن كانت مبتدئةً أو مضطربةً ، جعلتا ما بعد العشرة استحاضةً حتى يدخل الشهر المتعقّب للذي ولدتا فيه ، فترجعان في الدم الموجود في الشهر الثاني إلى
__________________
(١) نهاية الإحكام ١ : ١٣٣.
(٢) الذكرى ١ : ٣٦٤.
(٣) التهذيب ١ : ٤٠٣ / ١٢٦٢.