(وكذا) القول في (باقي الأحكام) المتعلّقة بالميّت من توجيهه إلى القبلة وتكفينه وتحنيطه وحفر قبره ونقله إليه ، لا بذل الكفن والحنوط وماء الغسل ، فإنّه مستحبّ ، كما سيأتي.
والمراد بالواجب الكفائي هنا : مخاطبة كلّ مَنْ علم بموته من المكلّفين ممّن يمكنه مباشرة ذلك الفعل به استقلالاً أو منضمّاً إلى غيره حتى يعلم تلبّس مَنْ فيه الكفاية به ، فيسقط حينئذٍ عنه سقوطاً مراعىً باستمرار الفاعل عليه حتى يفرغ. ولو لا اعتبار المراعاة ، لزم عدم وجوب الفعل عند عروض مانع للفاعل عن الإكمال ، وهو باطل.
واعتبر المصنّف (١) وجماعة (٢) في [سقوط] التكليف به الظنّ الغالب ؛ لأنّ العلم بأنّ الغير يفعل كذا في المستقبل ممتنع ولا تكليف به ، والممكن تحصيل الظنّ ، ولاستبعاد وجوب حضور جميع أهل البلد الكبير عند الميّت حتى يدفن ، ونحو ذلك.
وفرّعوا عليه : أنّه لو ظنّ قوم قيام غيرهم به ، سقط عنهم ، ولو ظنّوا عدمه ، وجب عليهم حتى لو ظنّ كلّ فرقة قيام غيرهم ، سقط عن الجميع ، كما أنّهم لو ظنّوا عدم القيام ، وجب عليهم عيناً.
ويشكل بأنّ الظنّ إنّما يقوم مقام العلم مع النصّ عليه بخصوصه أو دليل قاطع ، وما ذُكر لا تتمّ به الدلالة ؛ لأنّ تحصيل العلم بفعل الغير في المستقبل ممكن بالمشاهدة ونحوها من الأُمور المثمرة له.
والاستبعاد غير مسموع ، وباستلزامه سقوط الواجب عند عدم العلم بقيام الغير به ، وامتناع نيّة الفرض من الظانّ عند إرادته المباشرة ، وبأنّ الوجوب معلوم والمسقط مظنون ، والمعلوم لا يسقط بالمظنون.
وقال بعض (٣) المحقّقين من تلامذة المصنّف : إن كان الظنّ ممّا نصبه الشارع حجّةً كشهادة العَدلَين ، جاز الاستناد في إسقاط الوجوب إليه ، وإن كان دون ذلك كشهادة الفاسق بل العدل الواحد فلا ؛ لما مرّ.
وفيه : أنّ شهادة العَدلَين إن كانت بأنّ الفعل قد وقع ، فمسلّم ، وإن كانت أنّه يقع أو
__________________
(١) مبادئ الوصول : ١٠٦ ؛ نهاية الوصول ، المقصد الرابع : في الأمر والنهي ، الفصل الرابع : في أقسام الأمر ، البحث الثاني : في الواجب على الكفاية.
(٢) منهم : المحقّق الحلّي في معارج الأُصول : ٧٥.
(٣) لم نتحقّقه.