يقول إذا مات لأحدكم ميّت فسجّوه تجاه القبلة ، وكذلك إذا غسّل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة فيكون مستقبلاً بباطن قدميه ووجهه إلى القبلة. (١)
وأمّا غيره من الأخبار التي استدلّ بها على الوجوب فلا تخلو من شيء إمّا في السند أو في الدلالة إمّا لعدم التصريح بالأمر أو لوروده في واقعة معيّنة.
وعلّل في بعضها : بأنه إذا استقبل به أقبلت عليه الملائكة روي ذلك عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قاله في هاشميّ كان في السَّوق. (٢)
واختار الشيخ في الخلاف الاستحباب ، (٣) وتبعه في المعتبر ناقلاً عن سائر الجمهور ، خلا سعيد بن المسيّب ، فإنّه أنكره مستضعفاً للروايات الدالّة على الوجوب. ولأنّ التعليل في الرواية عن النبيّ صلىاللهعليهوآله كالقرينة الدالّة على الفضيلة ، مع أنّه أمر في واقعةٍ. (٤)
ونحن قد ذكرنا ما هو المستند.
وقد تقدّم أنّ فرض الاستقبال به كفاية ، كباقي أحكامه.
ويسقط الاستقبال به مع اشتباه القبلة ؛ لعدم إمكان توجيهه في حالة واحدة إلى الجهات المختلفة. واحتمله في الذكرى. (٥)
والأولى عود ضمير «توجيهه» إلى المسلم ومَنْ في حكمه المذكور سابقاً ليفيد اختصاص الحكم به ، كما هو الواقع ، لا إلى الميّت ؛ لاحتياجه حينئذٍ إلى التقييد.
ولا فرق بين الصغير والكبير في هذا الحكم ؛ للعموم.
ولقد كان ينبغي اختصاص الحكم بوجوب الاستقبال بمن يعتقد وجوبه ، فلا يجب توجيه المخالف إلزاماً له بمذهبه ، كما يغسّل غسله. ويقتصر في الصلاة عليه على أربع تكبيرات.
وهل يسقط الاستقبال بالموت ، أو يجب دوام الاستقبال به حيث يمكن؟ كلّ محتمل.
ووجه الثاني : عموم الأمر ، وعدم ذكر الغاية ، وينبّه عليه ذكره حال الغسل في الخبر السابق ، (٦) ووجوبه حال الصلاة والدفن وإن اختلفت الهيئة.
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٢٧ / ٣ ؛ التهذيب ١ : ٢٨٦ / ٨٣٥.
(٢) الفقيه ١ : ٧٩ / ٣٥٢.
(٣) الخلاف ١ : ٦٩١ ، المسألة ٤٦٦.
(٤) المعتبر ١ : ٢٥٨ و ٢٥٩.
(٥) الذكرى ١ : ٢٩٦.
(٦) أي خبر سليمان بن خالد ، المتقدّم آنفاً.