مرضت مرضاً شديداً واشتبه الموت ، فغُسّلتُ ودُفنتُ في أزج ، (١) ولنا عادة إذا مات شخص فتح عنه باب الأزج بعد ليلة أو ليلتين إمّا زوجته أو امّه أو أُخته أو ابنته ، فتنوح عنده ساعة ثمّ تطبق عليه هكذا يومين أو ثلاثة ، ففتح عليّ فعطست ، فجاءت أُمّي بأصحابي فأخذوني من الأزج ، وذلك منذ سبع عشرة سنة. (٢)
والمراد بالأمارات نحو : انخساف صُدغيه ، وميل أنفه ، وامتداد جلدة وجهه ، وانخلاع كفّه من ذراعه ، واسترخاء قدميه ، وتقلّص أُنثييه إلى فوق مع تدلّي الجلدة.
قيل : ومنه زوال النور من بياض العين وسوادها ، وذهاب النفس وزوال النبض. (٣)
ونقل في الذكرى عن جالينوس : أنّ أسباب الاشتباه : الإغماء ، ووجع القلب ، وإفراط الرعب أو الغمّ أو الفرح أو الأدوية المخدّرة ، فيستبرأ بنبض عروق بين الأُنثيين ، أو عِرق يلي الحالب (٤) والذكر بعد الغمز الشديد ، أو عِرق في باطن الألية أو تحت اللسان أو في بطن المنخر ، ومنع الدفن قبل يوم وليلة إلى ثلاثة. (٥)
واعلم أنّ الاستحباب في هذه المواضع كفائيّ ، فلا يختصّ بالوليّ وإن كان الأمر فيه آكد ، وفي بعض الأخبار وعبارات الأصحاب ما يدلّ على اختصاصه بذلك.
(ويكره طرح الحديد على بطنه) ذكر ذلك الشيخان (٦) وجماعة (٧) من الأصحاب.
قال الشيخ في التهذيب : سمعناه مذاكرةً من الشيوخ رحمهمالله. (٨)
واحتجّ في الخلاف على الكراهية بإجماعنا. (٩)
وكما يكره طرح الحديد عليه يكره غيره أيضاً ، ذكره المصنّف (١٠) وجماعة.
__________________
(١) الأَزَجُ : بيت يُبنى طولاً. لسان العرب ٢ : ٢٠٨ ، «أزج».
(٢) نهاية الإحكام ٢ : ٢١٨.
(٣) القائل هو ابن الجنيد كما في الذكرى ١ : ٢٩٩.
(٤) الحالبان : عِرْقان يبتدّان الكُلْيتين من ظاهر البَطْن. وهُما أيضاً عِرْقان أخضران يكتنفان السّرّة إلى البطن. لسان العرب ١ : ٣٣٣ ، «ح ل ب».
(٥) الذكرى ١ : ٢٩٩ ـ ٣٠٠.
(٦) المقنعة : ٧٤ ، المبسوط ١ : ٧٤ ؛ الخلاف ١ : ٦٩١ ، المسألة ٤٦٧.
(٧) منهم : أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ٢٣٦ ؛ وسلار في المراسم : ٤٧ ؛ والقاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٥٤ ؛ وابن حمزة في الوسيلة : ٦٢ ؛ والمحقّق في شرائع الإسلام ١ : ٢٨ ؛ والعِمة الحلّي في نهاية الإحكام ٢ : ٢١٦.
(٨) التهذيب ١ : ٢٩٠.
(٩) الخلاف ١ : ٦٩١ ، المسألة ٤٦٧.
(١٠) نهاية الإحكام ٢ : ٢١٦ ؛ تذكرة الفقهاء ١ : ٣٤٢ ، المسألة ١١٣.