للشرب. ولو كان كثيراً ، دلّت الكثرة على تسويغ الوضوء منه. ذكر ذلك كلّه في النهاية. (١) وللنظر في بعض قيوده مجال.
(ولو وجده) أي الماء (بثمن لا يضرّه في الحال) يمكن أن يريد به الزمان الحاضر ، فلا عبرة بخوف ضرره في المآل ؛ لإمكان تجدّد ما تندفع به الضرورة ، ولعدم الضرر بذلك حينئذٍ.
والأولى أن يراد به حاله ، أي حال نفسه ، فيجعل اللام عوضاً عن المضاف إليه ؛ ليعمّ الضرر الحاضر والمتوقّع حيث يحتاج إلى المال المبذول في مستقبل الزمان الذي لا يتجدّد له فيه مال عادةً.
فمتى لم يضرّه بذل الثمن في الحال أو المآل على ذلك الوجه (وجب الشراء) لانتفاء الضرر الذي باعتباره ساغ التيمّم (وإن زاد) الثمن المقدور عليه المفروض عدم التضرّر به مطلقاً (عن ثمن المثل) أضعافاً مضاعفة على المشهور ؛ لأنّه متمكّن ، والفرض انتفاء الضرر ، ولوجوب تحصيل شرط الواجب المطلق بحسب الإمكان.
ولقول الكاظم عليهالسلام وقد سُئل عمّن وجد قدر ما يتوضّأ به بمائة درهم أو بألف درهم وهو واجد لها يشتري ، قد أصابني مثل هذا فاشتريت وتوضّأت. (٢)
(على إشكال) في ذلك ناشٍ ممّا ذكرناه ومن أنّ خوف فوات المال اليسير بالسعي إلى الماء مجوّز للتيمّم ، فكيف يجب بذل الكثير على هذا الوجه فيه!؟ ولتساوي الحكم في تضييع المال القليل والكثير ، وكفر مستحلّه ، وفسق غاصبه ، وجواز الدفع عنه. وهو اختيار ابن الجنيد. (٣)
وجوابه : الفرق بين جميع ما ذُكر وموضع النزاع بالنصّ ، وبالمنع من مساواة ما يبذله المكلّف باختياره وبين ما ينهب منه قهراً ؛ لما في الثاني من لزوم الغضاضة والإهانة الموجبة للضرر ، خلاف الأوّل ؛ لأنّ الفرض انتفاء الضرر فيه.
وفرّق المصنّف (٤) بينهما : بأنّ اللازم في الفرع إنّما هو الثواب ؛ لأنّه عبادة اختياريّة مطلوبة للشارع ، وهو أضعاف ما دفع ، وألزم في الأصل إنّما هو العوض ، وهو مساوٍ لما أُخذ منه ، فلم يتمّ القياس.
__________________
(١) نهاية الإحكام ١ : ١٩٥.
(٢) الكافي ٣ : ٧٤ / ١٧ ؛ الفقيه ١ : ٢٣ / ٧١ ؛ التهذيب ١ : ٤٠٦ / ١٢٧٦.
(٣) حكاه عنه المحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ٣٦٩.
(٤) نهاية الإحكام ١ : ١٩٤.