الصعيد عشر سنين. (١)
ومَنَع فخر المحقّقين ولد المصنّف من استباحة المساجد به للجنب لقوله تعالى (وَلا جُنُباً إِلّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) (٢) حيث جعل غاية التحريم الغسل ، فلا يزول بالتيمّم. وكذا مسّ كتابة القرآن به معلّلاً بعدم فرق الأُمّة بينهما هنا. (٣) ويلزمه تحريم الطواف للجنب أيضاً بالتيمّم لاستلزامه دخول المسجد وإن لم يصرّح به.
وهو ضعيف لمعارضته بقوله صلىاللهعليهوآله لأبي ذر يكفيك الصعيد عشر سنين (٤) فإنّ إطلاقه يقتضي الاكتفاء به في العبادات إذ لو أراد الاكتفاء في الصلاة في البيت ، لوجب البيان ، حذراً من الإجمال في وقت الخطاب ، الموجب للإغراء.
وبقول الصادق عليهالسلام إنّ الله جعل التراب طهوراً كما جعل الماء طهوراً (٥) وقوله عليهالسلام التراب أحد الطهورين. (٦)
ولأنّ إباحة الصلاة المشترطة (٧) بالطهارة الصغرى والكبرى أعظم من دخول المساجد ، فإباحتها تستلزم إباحته بطريق أولى. وذكر الغسل في الآية (٨) لكونه أصلاً اختياريّاً ، وهو لا ينفي الاضطراري إذا دخل بدليلٍ آخر.
واعلم أنّ هذه العبارة أيضاً أوفى ممّا في صدر الكتاب من قوله والتيمّم يجب للصلاة والطواف إلى آخره ، وقد بيّنّاه هناك.
(ولا يعيد) المتيمّم تيمّماً مشروعاً (ما صلّى به) لأنّ امتثال المأمور به على وجهه يقتضي الإجزاء.
ولا فرق في ذلك بين متعمّد الجنابة حال عجزه عن الغسل وغيره ، ولا بين مَنْ منعه زحام الجمعة عن الخروج للطهارة المائيّة فتيمّم ، وغيره لتحقّق الامتثال في الجميع ،
__________________
(١) الفقيه ١ : ٥٩ / ٢٢١ ؛ التهذيب ١ : ١٩٤ / ٥٦١ ، و ٢٠٠١٩٩ / ٥٧٨.
(٢) النساء (٤) : ٤٣.
(٣) إيضاح الفوائد ١ : ٦٧٦٦.
(٤) راجع المصادر في الهامش (١).
(٥) الفقيه ١ : ٦٠ / ٢٢٣.
(٦) الكافي ٣ : ٦٤٦٣ / ٤ ؛ التهذيب ١ : ٢٠٠ / ٥٨٠ ، وفيهما : «التيمّم أحد الطهورين». والحديث عن الإمام الباقرُ.
(٧) في «م» : «المشروطة».
(٨) النساء (٤) : ٤٣.